أتراجعن رسول الله صلّى الله عليه؟ قالت: نعم، قلت: وتهجره إحداكنّ اليوم إلى الليل؟
قالت: نعم. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسر، أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلّى الله عليه فإذا هي قد هلكت.
لا تراجعي رسول الله صلّى الله عليه ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك ولا يغرنّك إن كانت جارتك هي أوسم وأحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منك- يريد عائشة رضي الله عنها.
قال: وكان لي جار من الأنصار، قال: كنّا نتناوب النزول إلى رسول الله (عليه السلام) فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك، قال: وكنّا نتحدّث أنّ غسّان تفعل الحيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوما ثم أتاني غشيان فضرب بابي، ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم.
قلت: ماذا، أجاءت غسّان؟ قال: بل أعظم من ذلك! طلق الرسول نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظنّ هذا كائنا، حتّى إذا صليت الصبح شددت عليّ ثيابي، ثمّ نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلّقكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالت: لا أدري هو معتزل في هذه المشربة، فأتيت غلاما له أسود، فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثمّ خرج إليّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتّى أتيت المنبر فإذا حوله رهط جلوس بعضهم، فجلست قليلا ثمّ غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثمّ خرج إليّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجت فجلست إلى المنبر ثمّ غلبني ما أجد فأتيت- يعني الغلام- فقلت:
استأذن لعمر، فدخل ثمّ خرج إليّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، قال: فولّيت مدبرا، فإذا الغلام يدعوني فقال: أدخل فقد أذن لك، فدخلت فسلّمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثّر في جنبه، فقلت: أطلّقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إليّ وقال: لا.
فقلت: الله أكبر، ثم ذكر له ما قال لامرأته وما قالت له امرأته، فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله قد دخلت عليّ حفصة وذكرت ما قلت لها. فتبسّم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم. فجلست فرفعت رأسي في البيت، فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلّا أهن ثلاثة، فقلت: يا رسول الله ادع الله تعالى أن يوسّع على أمتك فقد وسّع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالسا ثم قال:«أفي شكّ أنت يا ابن الخطاب، أولئك عجّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا»[٣٣٩] . فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم ألّا يدخل عليهنّ شهرا من شدة موجدته عليهنّ حتى عاتبه الله تعالى.
قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: فلمّا مضى تسع وعشرون ليلة على رسول الله بدأني، فقلت: يا رسول الله إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وإنّك قد