للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ

قدّم الموت على الحياة لأنّه إلى القهر أقرب، كما قدّم البنات على البنين في قوله: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ.

قال قتادة: أذلّ الله ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء. وقيل: قدّمه لأنّه أقدم، وذلك أنّ الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموات كالنطفة والتراب ونحوها، ثم اعترصت عليها الحياة.

قال ابن عباس: خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمرّ بشيء ولا يجد ريحه شيء إلّا مات، وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء، وهي التي كان جبرئيل والأنبياء (عليهم السلام) يركبونها، خطوها مد البصر، وهي فوق الحمار ودون البغل، لا تمر بشيء، ولا تطأ شيئا ولا يجد ريحها شيء إلّا حيّ، وهي التي أخذ السامري من أثرها فألقاها على العجل فحيي.

لِيَبْلُوَكُمْ فيما بين الحياة إلى الموت، أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا

أخبرنا الحسن بن محمد بن فنجويه، حدّثنا محمد بن عبد الله بن برزة، حدّثنا الحرث بن أسامة، حدّثنا داود بن المحر، حدّثنا عبد الواحد بن زياد العبدي عن كليب بن وائل عن ابن عمر عن النبي (صلّى الله عليه) أنّه تلا (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) حتى بلغ إلى قوله (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) . ثم قال: أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله، وأسرعكم في طاعة الله.

وبإسناده عن داود بن المحر، حدّثنا ميسر عن محمد بن زيد عن أبي سلمة عن أبي قتادة قال: قلت: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ما عني به؟ قال: «يقول أيّكم أحسن عقلا» [٣٥٠] «١» .

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتمّكم عقلا وأشدّكم لله خوفا، وأحسنكم فيما أمر الله تعالى به ونهى عنه نظرا وإن كان أقلكم تطوعا» [٣٥١] «٢» .

أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا القرشي، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن بن سقيق عن إبراهيم عن


(١) جامع البيان للطبري: ١٢/ ٩.
(٢) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>