للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النضر بن شميل: معناه سنحدّه على شربه الخمر، والخرطوم: الخمر وجمعه خراطيم. وقال الشاعر:

تظل يومك في لهو وفي طرب ... وأنت بالليل شرّاب الخراطيم «١»

قوله: إِنَّا بَلَوْناهُمْ يعني اختبرنا وامتحنّا أهل مكّة بالقحط والجوع. كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ.

أخبرنا أبو عمرو الفرابي أخبرنا أبو موسى أخبرنا الحريري حدّثنا فارس بن عمر حدّثنا صالح بن محمد حدّثنا محمد بن مزوان عن الكليني عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ قال: بستان باليمن يقال لها القيروان دون صنعاء بفرسخين، يطأه أهل الطريق، وكان غرسه قوم من أهل الصلاة، وكانت لرجل فمات فورثه بنين له، فكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل فلم تجدّه، فإذا طرح من فوق المنجل أملى البساط، فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضا للمساكين، فإذا حصدوا زروعهم فكل شيء تعدّاه المنجل فهو للمساكين، وإذا داسوا كان لهم كل شيء ينثر، فلما مات الأب ورثها هؤلاء الأخوة عن أبيهم، فقالوا: والله إنّ المال لقليل وإنّ العيال لكثير إنّما كان يفعل هذا الأمر إذا كان كثيرا والعيال قليلا، فأمّا إذا قلّ المال وكثر العيال فإنّا لا نستطيع أن نفعل هذا، فتحالفوا بينهم يوما ليعدون عدوة قيل خروج الناس فليصر من نخلهم ولم يستثنوا- لم يقولوا إن شاء الله- فغدا القوم بسدف من الليل إلى جنّتهم ليصرموها فرأوها مسودّة، وقد طاف عليها من الليل طائف من عذاب أصابها فأحرقها فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فذلك قوله تعالى: إِذْ أَقْسَمُوا حلفوا، لَيَصْرِمُنَّها لتجدّيها ولتقطيع ثمرها، مُصْبِحِينَ إذ أصبحوا قبل أن يعلم المساكين، وَلا يَسْتَثْنُونَ لا يقولون إن شاء الله، فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ عذاب مِنْ رَبِّكَ ولا يكون الطائف إلّا بالليل، وكان ذلك الطائف نارا أنزلت من السماء فأحرقتها. وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ كالليل المظلم الأسود، قال الشاعر:

تطاول ليلك الجون البهيم ... فما ينجاب عن صبح صريم «٢»

وقال الحسن: صرم عنها الخير فليس فيها شيء، ابن كيسان: كالجرة السوداء، ابن زيد:

كالأرض المصرومة، الأخفش: كالصبح انصرم من الليل، وقال المروّج: كالرملة انصرمت من معظم الرمل، وأصل الصريم: المصروم، وكلّ شيء قطع من شيء فهو صريم، فالليل صريم والصبح صريم، لأنّ كلّ واحد منهما ينصرم عن صاحبه.

قال ابن عباس: كالرماد الأسود بلغة حذيم.


(١) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٣٨.
(٢) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>