للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً تارات ومرات حالا بعد حال، نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة، إلى تمام الخلقة أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً قال الحسن: يعني في السماء الدنيا. وهذا جائز في كلام العرب، كما يقال: أتيت بني تميم وأتاني بعضهم، ويقول: فلان متوار في دور بني فلان، وإنّما هو في دار واحدة. وقال مقاتل: هو معناه وجعل القمر معهن نورا لأهل الأرض، (في) بمعنى مع. وقال عبد الله بن محمد: وإن الشمس والقمر وجوههما قبل السموات وضوء الشمس ونور القمر منها وأقفيتها قبل الأرض، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب الله سبحانه وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً مصباحا مضيئا.

وقيل لعبد الله بن عمر: ما بال الشمس تصلينا أحيانا وتبرد علينا أحيانا، فقال: إنّها في الصيف في السماء الرابعة وفي الشتاء في السماء السابعة عند عرش الرحمن، ولو كانت في السماء الدنيا لما قام لها شيء.

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وكان حقّه إنباتا ولكنّه مصدر مخالف للصدر، وقال الخليل: مجازه: فنبتم نباتا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها أمواتا وَيُخْرِجُكُمْ منها أحياء إِخْراجاً وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً مهادا يحملكم ويستركم أمواتا لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً طرقا مختلفة. قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً وهم القادة والأشراف وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً عظيما يقال: كبر كبار بالتخفيف وكبّار بالتشديد، كلها بمعنى واحد ونظيره في كلام العرب، أمر عجيب وعجاب وعجّاب، ورجل حسان وحسّان، وكمال وكمّال، وقرّاء للقاري ووضّاء للوضي، وأنشد ابن السكيت:

بيضاء تصطاد القلوب وتستبي ... وبالحسن قلب المسلم القراء «١»

وقال آخر:

والمرء يلحقه بقيتان الندى ... خلق الكريم وليس بالوضاء «٢»

وقرأ ابن محيص وعيسى: كبارا بالتخفيف، واختلفوا في معنى مكرهم.

فقال ابن عباس: قالوا قولا عظيما. الحسن: مكروا في دين الله وأهله مكرا عظيما.

الضحاك: افتروا على الله وكذّبوا رسله. وقيل: حرّشوا أسفلتهم على قتل نوح.

وَقالُوا لهم لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا قرأ أهل المدينة بضم الواو، وغيرهم بفتحها «٣» وهما لغتان وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ قراءة العامة غير مجرى فيهما، قال أبو


(١) تفسير القرطبي: ١٨/ ٣٠٦.
(٢) تفسير القرطبي: ١٨/ ٣٠٧.
(٣) في المخطوط: بفتحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>