للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوح منه بعد بدّن وسق ... تلويحك الضامر يطوى للسبق «١»

قال مجاهد: يلفح الجد فتدعه أشدّ سوادا من الليل، وقال ابن عباس وزيد ابن أسلم:

محرقة للجلد، وقال الحسن وابن كيسان: يعني تلوح لهم جهنم متى يروها عيانا. نظيره وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ «٢» ، ولَوَّاحَةٌ رفع على النعت، سقر في قوله وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ وقرأ عطية العوفي في لَوَّاحَةً لِلْبَشَرِ بالنصب والبشر جمع بشره وجمع البشر أبشار.

عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ من الخزنة ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر صنفا ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر صفا، ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر نقيبا، ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر ملكا بأعيانهم وعلى هذا أكثر المفسّرين. ولا يستنكر هذا فإن ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلق.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن لؤلؤ قال: أخبرنا الهيثم بن خلف قال: حدّثنا إبراهيم ابن إبراهيم قال: حدّثنا حجاج بن جريح قال: حدّثنا مرفوعا إلى النبي (عليه السلام) «إنّه نعت خزنة النار فقال: كأن أعينهم البرق، وكإن أفواههم الصياصي يجرّون أشعارهم، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرميهم في النار، ويرمي بالجبل عليهم» [٥٨] «٣» .

وقال عمرو بن دينار: إن واحدا منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر. قال ابن عباس وقتادة والضحاك: لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل: لقريش ثكلتكم أمهاتكم اسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم ألدّهم- أي الشجعان- أفتعجز كلّ عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم، فقال أبو الاشدين كلدة بن خلف بن أسد الجمحي: أنا أكفيكم منهم سبعة عشرة على ظهري وسبعة على بطني واكفوني أنتم اثنين.

فأنزل الله سبحانه وتعالى وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً لا رجالا إذ من فمن ذا يغلب الملائكة وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ عددهم إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لتكذيبهم بذلك وقول بعضهم أنا أكفيكموه. لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لأنّه مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر.

وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ يشك الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شك ونفاق قاله أكثر المفسرين، وقال الحسين بن الفضل: السورة مكيّة ولم يكن بمكة البتة نفاق فالمرض في هذه الخلاف لا النفاق.


(١) تفسير القرطبي: ١٩/ ٧٨. [.....]
(٢) سورة الشعراء: ٩١.
(٣) تفسير القرطبي: ١٩/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>