للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها أي يخشى الشمس حتّى تغيب فتظلم الآفاق «١» .

وَالسَّماءِ وَما بَناها أي ومن خلقها، وهو الله سبحانه وتعالى، كقوله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ «٢» ، وقيل: هو ما المصدر أي وبنائها كقوله: بِما غَفَرَ لِي رَبِّي «٣» . وَالْأَرْضِ وَما طَحاها خلق ما فيها، عن عطية عن ابن عبّاس والوالبي عنه:

قسمها. غيره بسطها. وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها عدل خلقها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قال ابن عبّاس برواية الوالبي: يبيّن لها الخير والشرّ.

وقال العوفي عنه: علّمها الطاعة والمعصية. الكلبي: أعلمها ما يأتي وما ينبغي، وقال ابن زيد وابن الفضل: جعل فيها ذلك يعني بتوفيقه إيّاها للتقوى وخذلانه إيّاها للفجور.

أخبرني الحسن قال: حدّثنا موسى قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن سنان قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا عزرة بن ثابت الأنصاري قال: حدّثنا يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي قال ب قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه؟ أشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم- صلّى الله عليه- وأكّدت عليهم الحجّة؟ قلت: كلّ شيء قد قضى عليهم. قال: فهل يكون ذلك ظلما؟ قال: ففزعت منه فزعا شديدا وقلت: إنّه ليس شيء إلّا وهو خلقه وملك يده لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ «٤» . فقال لي: سدّدك الله، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون فيه؟ أشيء قضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم صلى الله عليه وسلم وأكّدت به عليهم الحجّة؟

فقال: في شيء قد قضى عليهم. قال: فقلت فيتمّ العمل إذا قال من كان الله سبحانه خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها وتصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها.

قَدْ أَفْلَحَ سعد وفاز، وهاهنا موضع القسم. مَنْ زَكَّاها أي أفلحت نفس زكّاها الله أي أصلحها وطهّرها من الذنوب ووفّقها للتقوى، وَقَدْ خابَ خسرت نفس مَنْ دَسَّاها دسسها الله فأهملها وخذلها ووضع منها وأخفى محلّها حين عمل بالفجور وركب المعاصي، والعرب تفعل هذا كثير فيبدّل في الحرف المشدّد بعض حروفه ياء أو واو كالتقضي والتظنّي وبابهما.


(١) راجع لسان العرب: ١٤/ ١٥٣ لفظة أجلى.
(٢) سورة النساء: ٣.
(٣) سورة يس: ٢٧.
(٤) سورة الأنبياء: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>