للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبرائيل عن هذه الآية وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: «قال الله سبحانه: إذا ذكرت، ذكرت معي» [١٧٥] «١» .

وحدّثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ قال: حدّثنا إسماعيل بن أحمد الجرجاني قال: أخبرنا عمران بن موسى قال: حدّثنا أبو معمر قال: حدّثنا عباد، عن عوف، عن الحسن في قوله وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: إذا ذكرت ذكرت معي، وقال قتادة: يرفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلّا ينادي بها: أشهد ان لا إله إلّا الله، وأن محمدا رسول الله، وقال مجاهد: يعني بالتأذين، وفيه يقول حسان بن ثابت يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:

أغرّ عليه للنبوة خاتم ... من الله مشهور يلوح ويشهد

وضمّ الإله اسم النبي الى اسمه ... إذا قال في الخمس المؤذّن أشهد «٢»

وقال ابن عطاء: يعني جعلت تمام الإيمان بي بذكرك، وقيل: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ عند الملائكة في السماء، وقيل: بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله، وقال ذو النون: همم الأنبياء تجول حول العرش وهمّة محمد صلى الله عليه وسلم فوق العرش، لذلك قال: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، فذكره ذكره، ومفزع الخلق يوم القيامة إلى محمد صلى الله عليه وسلم كمفزعهم إلى الله، لعلمهم بجاهه عنده.

فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً أي مع الشدّة التي أنت فيها من جهاد المشركين، ومزاولة ما أنت بسبيله يسرا ورخاء بأن يظهرك عليهم، حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به طوعا وكرها.

إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً كرّره لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء، وقيل: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً: في الدنيا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً: في الآخرة.

أخبرنا عبد الله بن حامد قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن عبد الله قال:

حدّثنا عثمان قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابشروا فقد جاءكم اليسر لن يغلب عسر يسرين» [١٧٦] «٣» .

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا عمر بن الخطاب قال: حدّثنا علي بن مرداراد الخياط قال: حدّثنا قطن بن بشير قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن رجل، عن إبراهيم النخعي قال:

قال ابن مسعود: والذي نفسي بيده، لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، إنّه لن يغلب عسر يسرين، إنّه لن يغلب عسر يسرين.


(١) جامع البيان للطبري: ٣٠/ ٢٩٧.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٠/ ١٠٦.
(٣) صحيح البخاري: ٦/ ٨٧، جامع البيان للطبري: ٣٠/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>