للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فمنى موضع بمنى وفيه الدم أي يصب فلذلك سمّي منى ففيه يكون الفروث والإنذار والدماء وليست بطيبة، وعرفات ليس فيها وهي طيبة فلذلك سميت عرفات ويوم الوقوف بها عرفة. وقيل: لأن الناس يتعارفون بها.

وقال بعضهم: أصل هذين الأسمين من الصبر، يقال: رجل عارف إذا كان صابرا خاضعا خاشعا ويقال في المثل: النفس عروف وما حمّلتها تتحمل «١» .

قال الشاعر:

فصبرت عارفة لذلك حرّة ... ترسوا إذا نفس الجنان تطلع

أي نفسا صابرة.

وقال ذو الرمّة:

عروف لما خطت عليه المقادر

أي صبور على قضاء الله، فسميا بهذا الاسم لخضوع الحاج وتذللهم وصرفهم على الدعاء وأنواع البلاء واحتمالهم الشدائد والميقات لإقامة هذه العبادة.

فَاذْكُرُوا اللَّهَ بالتلبية والدعاء عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وهو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسّر، وليس مأزما عرفة من المشعر، وإنّما سمي مشعرا من الشعار وهو العلامة، لأنه معلم للحج، والصلاة والمقام والمبيت به والدعاء عنده من [معالم] الحج، والمبيت بالمشعر الحرام فرض واجب ومن تركه كان عليه شاة، والدليل عليه

أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بات بها وقال [انحروا] عنى بمناسككم.

وقال المفضل: سمي مشعرا لأنها شعر المؤمنون أنه حرم كالبيت ومكّة، أيّ اعلموا ذلك، وأصل الحرام المنع، قال الله تعالى [ ... ] «٢» أي الممنوع من المكاسب والشيء المنهي عنه حرام لأنه منع من إتيانه.

وقال زهير:

وإن أتاه [خليل] يوم مسألة يقول ... لا غائب مالي ولا حرام

أي ولا ممنوع، والمشعر الحرام من أن يفعل فيه ما حرم ولم يرض في إتيانه، ويقال له المشعر الحرام والمزدلفة وقدم [ ... ] بغيرهما «٣» والجميع، سمي بذلك لأنه يجمع فيها بين صلاتي العشاء، والافاضة من عرفات بعد غروب الشمس وكان أهل الجاهليّة


(١) تفسير القرطبي: ٢/ ٤١٥.
(٢) كلام غير مقروء.
(٣) كلام غير مقروء.

<<  <  ج: ص:  >  >>