للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ عما أرادوا من تخريب الكعبة: وقيل: في بطلان وأباطيل، وقال مقاتل: في خسار.

وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ من البحر طَيْراً أَبابِيلَ كثيرة متفرقة، يتبع بعضها بعضا.

قال عبد الرحمن بن ايزي: أقاطيع كالإبل المقبلة. قال الأعشى:

طريق وجبار رواء أصوله ... عليه أبابيل من الطير تنعب «١»

وقال امرؤ القيس:

تراهم إلى الداعي سراعا كأنهم ... أبابيل طير تحت دجن مسخن «٢»

وقال آخر:

كادت تهدّ من الأصوات راحلتي ... أن سالت الأرض بالجرد الأبابيل «٣»

واختلفوا في واحدها، فقال الفرّاء: لا واحد لها مثل الشماطيط والعباديد والشعارير، كل هذا لا يفرد له واجد، قال: وزعم أبو الرواسي وكان ثقة مأمونا أنه سمع واحدها إبالة ولقد سمعت من العرب من يقول: ضغث على إبالة يريدون خصب على خصب.

قال: ولو قال قائل: واحدها إبالة كان صوابا مثل دينار ودنانير، ويقال: للفضلة التي تكون على حمل الحمار أو علف البعير إبالة، وقال الكسائي: كنت أسمع النحويين يقولون:

واحدها إبّول مثل عجّول وعجاجيل. وحكى محمد بن جرير عن بعض النحويين أن واحدها أبيل، يقال: جاءت الخيل أبابيل من هاهنا وهاهنا.

قال ابن عباس: لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكفّ الكلاب.

عكرمة: لها رؤوس كرءوس السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده.

ربيع: لها أنياب كأنياب السباع، وقالت عائشة: أشبه شيء بالخطاطيف.

سعيد بن جبير: طير خضر لها مناقير صفر، قال أبو الجوزاء: أنشأها الله سبحانه في الهواء في ذلك الوقت.

تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ قراءة العامة بالتاء للطير، وقرأ طلحة وأشهب العقيلي يرميهم بالياء، وهو اختيار أبي حنيفة، يعنون الله سبحانه، كقوله: وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى «٤» ويجوز أن يكون راجعا إلى الطير لخلوّها من علامات التأنيث.


(١) الصحاح: ٢/ ٦٠٨، والنعب: صوت الطائر، والجبار من النخل: ما طال.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٠/ ١٩٧.
(٣) فتح القدير: ٥/ ٤٩٦.
(٤) سورة الأنفال: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>