للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجنّبهم الآفات، وقطع عنهم المطاعم واللذات. والرَّحِيمِ بأهل الأرض حين أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وأعذر إليهم في النصيحة وصرف عنهم البلايا.

وقال عكرمة: الرَّحْمنِ برحمة واحدة، والرَّحِيمِ بمائة رحمة وهذا المعنى قد اقتبسه من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي

حدّثناه أبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يزيد النسفي بمرو، حدّثنا أبو هريرة وأحمد بن محمد بن شاردة الكشي، حدّثنا جارود ابن معاذ، أخبرنا عمير بن مروان عن عبد الملك أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وأخّر تسعة وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة» «١» [١٥] .

وفي رواية أخرى: «إن الله تعالى قابض هذه إلى تلك فمكملها مائة يوم القيامة، يرحم بها عباده» «٢» [١٦] .

وقال ابن المبارك: (الرَّحْمنِ: الذي إذا سئل أعطى، والرَّحِيمِ إذا لم يسأل غضب. يدلّ عليه ما

حدّثنا أبو القاسم المفسّر، حدّثنا أبو يوسف رافع بن عبد الله بمرو الروذ، حدّثنا خلف ابن موسى: حدّثنا محمود بن خداش، حدّثنا هارون بن معاوية، حدّثنا أبو الملج وليس الرقّي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من لم يسأل الله يغضب عليه «٣»

، نظمه الشاعر فقال:

إن الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبنيّ آدم حين يسأل يغضب «٤» [١٧]

وسمعت الحسن بن محمد يقول: سمعت إبراهيم بن محمد النسفي يقول: سمعت أبا عبد الله- وهو ختن أبي بكر الوراق- يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عمر الورّاق يقول: (الرَّحْمنِ:

بالنعماء وهي ما أعطي وحبا، والرَّحِيمِ بالآلاء وهي ما صرف وزوى) .

وقال محمد بن علي المزيدي: الرَّحْمنِ بالانقاذ من النيران، وبيانه قوله تعالى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها «٥» ، والرَّحِيمِ بإدخالهم الجنان، بيانه: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ «٦» .

وقال المحاسبي: (الرَّحْمنِ: برحمة النفوس، والرَّحِيمِ برحمة القلوب) .


(١) صحيح مسلم: ٨/ ٩٦، سنن ابن ماجة: ٢/ ١٤٣٥ بتفاوت.
(٢) المستدرك: ٤/ ٢٤٨، بتفاوت.
(٣) فتح الباري: ١١/ ٧٩. [.....]
(٤) تفسير القرطبي: ٥/ ١٦٤.
(٥) سورة الحجر: ٤٦.
(٦) سورة آل عمران: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>