للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبت حقها وقف الحاكم زوجها، فإما أن يفي وإما أن يطلّق، فإن أبى [الفيئة] والطلاق جميعا طلق عليه الحاكم، وقيل: يحبسه أبدا حتّى يطلّق، وجملة هذا القول الذي ذكروا من الوقف قول عمر وعثمان وعليّ وأبي الدرداء وابن عمر وعائشة وسعيد بن جبير وسليمان بن يسار ومجاهد، ومذهب مالك والشافعي وأبي ثور وأبي عبيدة وأحمد وإسحاق وعامة أهل الحديث.

وقال يونس الصواف: أتيت سعيد بن المسيّب فقال: من أين؟ قلت: من الكوفة، قال:

وإنّهم يقولون في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر [فلا شيء عليه] ولا أربع سنين حتّى لو [يفيء أن يطلّق] وألغى الجماع فإن كان عاجزا عن الجماع بمرض أو عنّة أو نحوها فاء بلسانه وأشهد.

وقال: كان إبراهيم النخعي يقول: ألغي باللسان على كل حال، فإذا فاء فعليه الكفارة ليمينه في قول الفقهاء، إلّا الحسن وإبراهيم وقتادة فإنهم أسقطوا الكفارة عن المولى إذا فاء لقوله فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وقال إبراهيم: هذا في إسقاط الحق به لا في الكفارة.

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ أي حققوا وصدّقوا ونووا، وقرأ ابن عباس: وإن عزموا السراح، وهو الطلاق أيضا.

فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لقولهم عَلِيمٌ بنيّاتهم، وفيه دليل على أنّها لا تطلّق بعد مضي الأربعة الأشهر ما لم يطلقها زوجها أو السلطان لأنه شرط فيه العزم، ولأن السماع يقتضي [ ... ] «١»

والقول هو الذي يسمع، والسماع راجع إلى الطلاق والله أعلم.

وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ الآية، قال مقاتل بن حيان والكلبي: كان الرجل أول الإسلام إذا طلّق امرأته ثلاثا وهي حبلى فهو أحق برجعتها ما لم تضع ولدها إلى أن نسخ الله ذلك بقوله الطَّلاقُ مَرَّتانِ وقوله فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ الآية، وطلّق إسماعيل بن عبد الله الغفاري امرأته قتيلة وهي حبلى.

وقال مقاتل: هو مالك بن الأشدق رجل من أهل الطائف، قالوا جميعا: ولم يشعر الرجل بذلك ولم تخبره بذلك، فلمّا علم بحبلها راجعها وردّها إلى بيته، فولدت وماتت ومات ولدها، وفيها أنزل الله تعالى هذه الآية وَالْمُطَلَّقاتُ أي المخلّيات من حبال أزواجهن وهو من قولهم: أطلقت الشيء من يدي وطلقته إذا خلّيته، إلّا أنهم لكثرة استعمالهم اللفظين فرّقوا بينهما ليكون التطليق مقصورا في الزوجات وبذلك أنزل القرآن يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ والاسم منه الطلاق، ويقال: طلق الرجل المرأة وطلّقت وطلقت معا، وأصله من قولهم: انطلق الرجل إذا مضى غير ممنوع، ويقال للشوط الذي يجريه الفرس وغيره من غير أن يمنع طلق.

يَتَرَبَّصْنَ ينتظرن بِأَنْفُسِهِنَّ ولا يتزوجن ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، جمع قرء، مثل قرع وجمعه القليل


(١) كلمة غير مقروءة في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>