للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا قول الحسن وقتادة وإبراهيم وجابر بن زيد وابن أبي مجلز والضحّاك والربيع وعطاء، وهي رواية عطية عن ابن عباس، يدلّ عليه قول الأعشى:

ولا تقربنّ جارة إنّ سرّها ... عليك حرام [وانكحن أو تأبّدا] «١»

وقال الحطيئة:

ويحرم سرّ جارتهم عليهم ... ويأكل جارهم أنف القصاع «٢»

وقال مجاهد: هو قول الرجل للمرأة: لا تفوتيني نفسك، فإنّي أنكحك. الشعبي والسدي:

لا يأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيره. عكرمة: لا يخطبها في العدة. سعيد بن جبير: لا يقايضها على كذا وكذا من المال على أن لا تتزوج غيره، وهذه التأويلات كلها متقاربة، والسرّ على هذه الأقوال النكاح، قال امرؤ القيس:

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يحسن السرّ أمثالي «٣»

قال الأعشى:

فلم يطلبوا سرّها للغنى ... ولم يسلموها لإزهادها «٤»

أي نكاحها، وقال الكلبي: لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا أي لا تصفوا أنفسكم لهنّ بكثرة الجماع فيقول لها آتيك الأربعة والخمسة وأشباه ذلك، وعلى هذا القول السرّ هو الجماع نفسه، وقال الفرزدق:

موانع للأسرار إلّا لأهلها ... ويخلفن ما ظنّ الغيور المشفشف «٥»

يعني أنهنّ عفائف اليد عن الجماع إلّا من أزواجهنّ. قال رؤبة:

فعفّ عن أسرارها بعد الغسق ... ولم يضعها بين فرك وعشق «٦»

يعني عفّ عن غشيانها بعد ما لزمته لذلك.

وقال زيد بن أسلم: لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا أي لا تنكحوهنّ سرّا، ثم يمسكها حتّى إذا حلّت أظهرت ذلك، وأصل السرّ ما أخفيته في نفسك، وإنما قيل للنكاح والزنا والجماع السرّ لأنها تكون بين الرجل والمرأة في خفاء، ويقال أيضا للفرج سرّ لأنّه لا يظهر، وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي:


(١) لسان العرب: ٢/ ٦٢٥.
(٢) لسان العرب: ٢/ ٦٢٥.
(٣) غريب الحديث: ١/ ٢٣٨، لسان العرب: ١٥/ ٢٥٩.
(٤) الصحاح للجوهري: ٢/ ٤٨١.
(٥) الصحاح للجوهري: ٤/ ١٣٨٣.
(٦) لسان العرب: ٤/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>