للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنان أقصده النعاس فرنقت «١» ... في عينه سنة وليس بنائم

وَلا نَوْمٌ والنوم هو المستثقل المزيل للقوّة والعقل، فنفى الله تعالى عن نفسه النوم لأنّه آفة ولا يجوز عليه الآفات ولأنّه تغيّر ولا يجوز عليه تغيّر الأحوال، ولأنّه قهر والله تعالى قاهر غير مقهور، ولأنّه للاستراحة ولا يناله تعب فيسترح ولأنّه أخ الموت.

محمد بن المنكدر عن جابر قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أينام أهل الجنّة؟

قال: لا: «النوم أخ الموت ولا يموت أهل الجنّة»

«٢» ولأنّه لو نام العقل ولو غفل لاختلّ ملكه وتدبيره.

أبو عبيدة عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخمس «٣» كلمات فقال: «إنّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ولكنّه يرفع القسط ويخفضه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» «٤» .

عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحكي عن موسى عليه السّلام على المنبر قال:

«وقع في نفس موسى هل ينام الله عزّ وجلّ، فأرسل الله إليه ملكا [فأرّقه «٥» ثلاثا ثم] أعطاه قارورتين في كلّ يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما، قال: فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ويحبس أحدهما عن الأخرى حتّى نام نومه واصطكت يداه فانكسرت القارورتان» «٦» .

قال: ضرب الله تعالى مثلا أن الله سبحانه لو نام لم يستمسك السماء والأرض.

لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ملكا وخلقا. مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ بأمره، قال أهل الإشارة: في هذه الآية جذب بها قلوب عباده إليه عاجلا وآجلا فسبحان من لا وسيلة إليه.

الآية: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ قال مجاهد وعطاء والحكم والسدي: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من أمر الدنيا وَما خَلْفَهُمْ من أمر الآخرة.

الضحاك والكلبي: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ يعني الآخرة لأنّه يقدمون عليها وَما خَلْفَهُمْ الدنيا لأنّهم يخلفونها ابن جريح: ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ يعني ما كان قبل خلق الملائكة وَما خَلْفَهُمْ وما يكون بعد خلقهم.


(١) رنق النوم في عينيه: خالطها، تفسير القرطبي: ٣/ ٢٧٢.
(٢) الدر المنثور: ٦/ ٣٤ بتفاوت يسير.
(٣) في جميع المصادر: بأربع.
(٤) المعجم الأوسط: ٢/ ١٤٢ بتفاوت.
(٥) أرقه: الأرق: السهر، أي: أسهره.
(٦) تفسير الطبري: ٣/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>