للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

إليّ وما سحروا عداة منّا ... عند الحمار يؤودها العقل

حِفْظُهُما حفظ السماوات والأرض وَهُوَ الْعَلِيُّ الرفيع فوق خلقه في التدبير والقوّة والقدرة لا بالمسافة والمكان والجهة الْعَظِيمُ فلا شيء أعظم منه.

قال المفسّرون: سبب نزول هذه الآية أنّ الكفّار كانوا يعبدون الأصنام ويقولون هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ الآية.

قال مجاهد: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يكنّى (أبو الحصين) وكان له ابنان فقدم تجّار الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما أراد الرجوع إلى المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانيّة فتنصّرا وخرجا إلى الشام، فأخبر أبو الحصين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اطلبهما، فانزل الله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أبعدهما الله فهما أوّل من كفر» فوجد أبو الحصين في نفسه على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين لم يبعث في طلبهما فأنزل الله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ «١» الآية.

قال: وكان هذا قبل أن يؤمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتال أهل الكتاب ثم نسخ قوله: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة.

وهكذا قال ابن مسعود وابن زيد: أنّها منسوخة بآية السيف، وقال الباقون: هي محكمة.

سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قال: كانت المرأة من الأنصار تكون مثقلا لا يعيش لها ولد ونذورا فتنذر لئن عاش لها ولد لتهوّدنّه، فجاء الإسلام وفيهم منهم، فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم أناس من الأنصار فقالت الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا وإخواننا، فسكت عنهم صلّى الله عليه وسلّم فنزلت: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ. الآية.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد خيّر أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فاجعلوهم معهم» .

قال: وكان الفصل ما بين الأنصار واليهود إجلاء بني النضير فمن لحق بهم اختارهم ومن أقام اختار الإسلام. وقال المفسّرون: كان لرجل من الأنصار من بني سالم ابنان فتنصّرا قبل أن يبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام فأتاهما أبوهما فلزمهما وقال: لا أدعكما حتّى تسلما، فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ الآية، فخلّى سبيلهما «٢» .


(١) سورة النساء: ٦٥.
(٢) تفسير الطبري: ٣/ ٢٢، وأسباب النزول للواحدي: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>