للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزجاج وغيره: هو من قول العرب: أكرهت الرجل إذا نسبته إلى الكره كما يقال:

أكفرته وأفسقته وأظلمته إذا نسبته إليها.

قال الكميت:

وطائفة قد أكفروني بحبّكم ... وطائفة قالوا مسيء ومذنب «١»

ومعنى الآية: لا تقولوا لمن دخل بعد الحرب في الإسلام: أنّه دخل مكرها، ولا تنسبوا فمن دخل في الإسلام إلى الكره يدلّ عليه قوله: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً «٢» .

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ قد ظهر الكفر من الإيمان والهدى من الضلالة والحق من الباطل،

عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «من أطاع الله ورسوله فقد رشد» «٣» .

وعن مقاتل بن حسّان قال: زعم الضحاك أن الناس لما دخلوا في الإسلام طوعا أو كرها ولم يبق من عدو نبيّ الله من مشركي العرب أحد إلّا دخلوا في الإسلام طوعا أو كرها وأكمل الدين نزل: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ من شاء أسلم ومن شاء أعطى الجزية.

وقرأ الحسن ومجاهد والأعرج الرَّشَدُ بفتح الراء والشين وهما لغتان كالحزن والحزن والبخل والبخل.

وقرأ عيسى بن عمر: الرُّشُدُ بضمّتين.

وقرأ الباقون بضم الراء وجزم الشين وهما لغتان كالرعب والرعب، والسحت والسحت.

فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ يعني الشيطان، قاله ابن عمرو ابن عباس ومقاتل والكلبي.

وقيل: هو الصنم، وقيل: الكاهن، وقيل: هو كلّ ما عبد من دون الله.

وقال أهل المعاني: الطاغوت: كلّ ما يغطي الإنسان، وهو فاعول من الطغيان زيدت التاء فيه بدلا من لام الفعل، كقوله: حانوت وتابوت.

وقال أهل الإشارة: طاغوت كلّ امرئ نفسه بيانه قوله إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ «٤» الآية.

وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ عن سعيد قال: الإيمان: التصديق، والتصديق أن يعمل العبد مما صدّق به من القرآن.


(١) التبيان: ٣/ ٢٨٣ وخزانة الأدب: ٢٣٦.
(٢) سورة النساء: ٩٤.
(٣) كتاب المسند للشافعي: ٦٨.
(٤) سورة يوسف: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>