قال السدي: إنّ الله أحيا عزيرا ثم قال انظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه، فبعث الله عزّ وجلّ ريحا فجاءت بعظام الحمار من كلّ سهل وجبل ذهبت به الطير والسباع واجتمعت فركّب بعضها في بعض وهو ينظر فصار حمارا من عظام ليس فيه لحم ولا دم، ثم كسا العظام لحما ودما فصار حمارا ليس فيه روح، ثم أقبل ملك يمشي حتّى أخذ منخر الحمّار فنفخ فيه فقام الحمار ونهق بإذن الله.
ومعنى الآية على هذا القول: وانظر إلى لحم حمارك وإلى عظامه كيف ننشزها، فلما حذف الهاء من العظام أبدل الألف و ... وعلى هذا أكثر المفسّرين.
وقال آخرون: أراد به عظام هذا الرجل نفسه، وذلك أنّ الله تعالى لم يمت حماره فأحيا الله عينيه، ورأسه وسائر جسده ميّت، ثم قال له: انظر إلى حمارك، فنظر فرأى حماره قائما واقفا كهيئة يوم ربطه حيّا لم يطعم ولم يشرب مائة عام ونظر إلى الرقية في عنقه جديدا لم تتغيّر.
وتقدير الآية على هذا القول: فانظر إلى حمارك وانظر إلى عظامك كيف ننشزها. وهذا قول الضحاك وقتادة والربيع وابن زيد.
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ فعلنا ذلك [لنجعلك] . وإن شئت جعلت الواو مفخّمة زائدة، كقول الشاعر الأسود بن جعفر:
فإذا وذلك لا مهاة لذكره ... والدهر يعقب صالحا بفساد «١»
أي فإذا ذلك.
ومعنى الآية: فعلنا هذا بك لنجعلك آية للناس، أي عبرة ودلالة على البعث بعد الموت، قاله أكثر المفسّرين.
وقال الضحاك وغيره: هذه الآية أنّه عاد إلى قريته شابا وإذا أولاده وأولاد أولاده شيوخ وعجائز وهو أسود الرأس واللحية.
وروى قتادة عن كعب وعن الحسن ومقاتل وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس، وعبد الله ابن إسماعيل السدي عن أبيه عن مجاهد عن ابن عباس قالوا: لمّا أحيا الله عزيرا بعد ما أماته مائة سنة ركب حماره حتّى أتى محلّته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منازله، فانطلق على وهم منه حتّى أتى منزله فإذا بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وكفلته فلما أصابها الكبر أصابها الزمانة فقال لها