للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالك بن دينار: قرأت في التوراة: طوبى لمن أكل من ثمرة يديه.

وَلا تَيَمَّمُوا قرأ ابن مسعود: ولا تأمموا بالهمز. وقرأ ابن عباس: وَلا تُيَمِّمُوا مضمومة التاء مكسورة الميم الأولى يعني لا توجّهوا.

وقرأ ابن كثير: (وَلا تَيَّمَّمُوا) بتشديد الياء وفتحها فيها وفي أخواتها وهي أحدى وثلاثون موضعا في القرآن رد الساقط وأدغم لأن في الأصل تاءان تاء المخاطبة وتاء الأمر فحذفت تاء الفعل.

وقرأ الباقون: وَلا تَيَمَّمُوا مفتوحة مخففة.

وهي كلّها لغات بمعنى واحد، يقال: أممت فلانا وتيممته وتأممته، إذا قصدته وعمدته.

قال الأعشى ميمون بن قيس:

تيممت قيسا وكم دونه ... من الأرض من مهمه ذي شزن «١»

السدي عن علي بن ثابت عن الفراء قال: نزلت هذه الآية في الأنصار كانت تخرج إذا كان جذاذ النخل من حيطانها أقناء من التمر والبسر فيعلقونه على حبل بين أسطوانتين في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيأكل منه فقراء المهاجرين، وكان الرجل يعمد فيخرج قنو الحشف «٢» وهو يظن أنّه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء فنزل فيمن فعل ذلك.

وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ يعني القنو الذي فيه الحشف ولو كان أهدى لكم ما قبلتموه «٣» .

عن باذان عن ابن عباس في هذه الآية قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: «إنّ لله في أموالكم حقّا فإذا بلغ حق الله في أموالكم فأعطوا منه» وكان الناس يأتون أهل الصدقة بصدقاتهم ويضعونها في المسجد فإذا اجتمعت قسّمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينهم.

قال: فجاء رجل ذات يوم. بعد ما رقّ أهل المسجد وتفرّق هامهم. بعذق حشف فوضعه في الصدقة، فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبصره فقال: «من جاء بهذا العذق الحشف» قالوا: لا ندري يا رسول الله.

قال: «بئسما صنع صاحب هذا الحشف» فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال عليّ بن أبي طالب والحسن ومجاهد والضحاك: كانوا يتصدّقون بشرار ثمارهم


(١) المهمه: المغازة البعيدة، وذو شزن: ذو خشونة، والبيت في لسان العرب: ١٢/ ٢٣.
(٢) الحشف: أردأ التمر.
(٣) أسباب النزول للواحدي: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>