للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي وكانوا يداينون المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وكانوا يربون، فلما ظهر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الطائف وصالح ثقيفا أسلم هؤلاء الأربعة الأخوة وطلبوا رباهم من بني المغيرة، فقالت بنو المغيرة: والله ما نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المؤمنين، فما يجعلنا أشقى الناس بهذا، فاختصموا إلى عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة.

وكان عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على مكّة وقال: «أبعثك على أهل الله» فكتب عتّاب إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقصّة الفريقين وكان ذلك مالا عظيما فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا

وذر لفظ تهديد، وقرأ الحسن ما بقي بالألف وهي لغة طيئ، ويقول للحجارية:

جاراة، وللناصية: ناصاة.

قال الشاعر منهم:

لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقا ... على الأرض قيسي يسوق الأباعرا «١»

إِنْ كُنْتُمْ إذا كنتم مُؤْمِنِينَ كقوله: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ «٢» فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فإنّ لم تذروا ما بقي من الربا فَأْذَنُوا قرأ الأعمش وعاصم وحمزة رواية أبي بكر فَآذَنُوا ممدودا على وزن آمنوا

وقرأ الباقون فَأْذَنُوا مقصورا مفتوح الذال، وهي قراءة علي واختيار أبي عبيد وأبي حاتم.

فمن قصر معناه: فاعلموا أنتم واسمعوا، يقال: أذن الشيء يأذن أذنا وأذانة إذا سمعه وعلمه. قال الله: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ «٣» . ومن مدّ معناه: فاعلموا غيركم. قال الله تعالى:

قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ «٤» .

وأصل الكلمة من الأذن أي أقعوه في الأذان.

بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: يقال يوم القيامة لا تأكل الربا: خذ سلاحك للحرب. وروى الوالبي عنه قال: من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه، فحقّ على إمام المسلمين أن يستتيبه فإنّ نزع وإلّا ضرب عنقه.

وقال أهل المعاني: حرب الله النار وحرب رسوله السيف وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ بطلب الزيادة وَلا تُظْلَمُونَ النقصان عن رأس المال. وروى آبان والمفضّل عن عاصم بضم التاء الأولى وفتح الثانية. قال أهل المعاني أنّها شرط التوبة لأنّهم أن لم يتوبوا كفروا بردّ حكم الله واستحلال ما حرّم الله فيصير مالهم فيأ للمسلمين. فلما نزلت هذه الآيات


(١) تفسير الطبري: ١١/ ١٢٧.
(٢) سورة آل عمران: ١٣٩.
(٣) سورة الانشقاق: ٢.
(٤) سورة فصّلت: ٤٧. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>