للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصادك يوما ما زرعت وإنما ... يدان الفتى يوما كما هو دائن»

وقال عثمان بن زيات: يوم القهر والغلبة، تقول العرب: مدان فدان، أي قهرته فخضع وذلّ. وقال الأعشى:

هو دان الرباب إذ كرهوا الدين ... دراكا بغزوة وارتحال

ثم دانت بعد الرباب وكانت ... كعذاب عقوبة الأقوال «٢»

وسمعت أبا القاسم الحسين بن محمد الأديب يقول: سمعت أبا المضر محمد بن أحمد ابن منصور يقول: سمعت أبا عمر غلام ثعلب يقول: كان الرجل إذا أطاع ودان إذا عصى، ودان إذا عزّ وكان إذا ذلّ، ودان إذا قهر.

وقال الحسن بن الفضل: يوم الإطاعة، قال زهير:

لئن حللت بواد في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فدك «٣»

أي في طاعة، وكل ما أطيع الله فيه فهو دين.

وقال بعضهم: يوم العمل، قال الفراء: دين الرجل خلقه وعمله وعادته، وقال المثقب العبدي:

تقول إذا درأت وضيني لها ... أهذا دينه أبدا وديني «٤»

وقال محمد بن كعب القرضي: مالك يوم لا ينفع فيه إلّا الدين، وهذه من قول الله تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «٥» ، وقوله: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً «٦» .

وإنما خصّ يوم الدين بكونه مالكا له لأن الأملاك في ذلك اليوم زائلة [فينفرد تعالى بذلك] «٧» ، وهي باطلة والأملاك خاصة. وقيل: خص يَوْمِ الدِّينِ بالمالك فيه لأن ملك الدنيا قد اندرج في قوله: رَبِّ الْعالَمِينَ «٨» ، فأثبت أنه مالك الآخرة بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ليعلم أن الملك له في الدارين. وقيل: إنما خصّ يَوْمِ الدِّينِ بالذكر تهويلا وتعظيما لشأنه كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ «٩» ، ولا خفاء بهم في كل الأوقات عن الله عزّ وجلّ.


(١) تفسير القرطبي: ١/ ١٤٤.
(٢) الصحاح: ٥/ ٢١١٨.
(٣) لسان العرب: ١٠/ ٤٧٣.
(٤) الصحاح: ٥/ ٢١١٨.
(٥) سورة الشعراء: ٨٨- ٨٩.
(٦) سورة سبأ: ٣٧.
(٧) زيادة لتقويم النص.
(٨) سورة الحمد: ٢. [.....]
(٩) سورة غافر: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>