للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى أَجَلِهِ

. إلى محلّ الحق ذلِكُمْ. الكتاب أَقْسَطُ. أعدل عِنْدَ اللَّهِ. لأنّه أمر به، واتباع أمره أعدل من تركه وَأَقْوَمُ. وأصوب لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى. وأحرى وأقرب إلى أَلَّا تَرْتابُوا. تشكّوا في الشهادة ومبلغ الحق والأجل إذا كان مكتوبا، نظير قوله: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها «١» وهو أفعل من الدنو، ثم استثنى فقال:

إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً. قرأها عاصم بالنصب على خبر كان وأضمر الاسم، مجازه: إلّا أن تكون التجارة تجارة، والمبايعة تجارة. وأنشد الفراء:

لله قومي أي قوم بحرة ... إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا «٢»

أي إذا كان اليوم يوما. وأنشد أيضا:

أعينيّ هل تبكيان عفاقا ... إذا كان طعنا بينهم وعناقا «٣»

أراد إذا كان الأمر.

وقرأ الباقون بالرفع على وجهين: أحدهما: أن يكون معنى الكون الوقوع، أراد: إلّا أن تقع تجارة، وحينئذ لا خبر له.

والثاني: أن يجعل الاسم في التجارة والخبر في الفعل، وهو قوله تعالى: تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ تقديره: إلّا أن تكون تجارة حاضرة دائرة بينكم، ومعنى الآية: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً يدا بيد تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ ليس فيها أجل ولا نسيئة.

فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها. يعني التجارة وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ. قال الضحاك: هو عزم من الله عزّ وجلّ، والاشهاد واجب في صغير الحق وكبيره نقده ونسأه ولو على باقة بقل وهو اختيار محمد بن جرير.

وقال أبو سعيد الخدري: الأمر فيه إلى الامانة. قال الله فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً. وقال الآخرون: هو أمر ندب إن شاء أشهد وإن لم يشاء لم يشهد ثم قال:

وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ. هو نهي الغائب، وأصله يضارر فأدغمت الراء في الراء ونصبت لحق التضعيف لاجتماع الساكنين، والفتح أخفّ الحركات فحركت إليه.

وأما تفسير الآية، فأجراها بعضهم على الفعل المعروف، وقال: أصله يضارر بكسر الراء وجعل الفاعل الكاتب والشهيد، معناه: وَلا [يُضَارَّ] كاتِبٌ فيكتب ما لم يملل عليه يزيد أو ينقص


(١) سورة المائدة: ١٠٧.
(٢) تفسير الطبري: ٣/ ١٨٠.
(٣) جامع البيان: ٣/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>