للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ الباقون بالنون على إضمار القول تقديره: وقالوا لا نفرّق كقوله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ «١» وقوله: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ «٢» يعني فيقال لهم: أكفرتم. وقوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا «٣» أي يقولون: ربّنا. وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ «٤» أي يقولون: ما نعبدهم.

وما يقتضي شيئين فصاعدا، وإنّما قال (بين أحد) ولم يقل آحاد لأن الآحاد يكون للواحد والجميع «٥» . قال الله فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ «٦» .

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما أحلّت الغنائم لأحد سود الرؤوس غيركم» [٢١٥] «٧» .

قال رؤبة:

ماذا [أمور] الناس ديكت دوكا ... لا يرهبون أحدا رواكا

وَقالُوا سَمِعْنا. قولك وَأَطَعْنا. أمرك خلاف قول اليهود.

وروى حكيم بن جابر أن جبرائيل عليه السّلام أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين نزلت آمَنَ الرَّسُولُ. فقال: إن الله عزّ وجلّ قد منّ عليك وعلى أمّتك فاسأل تعطى، فسأل رسول الله عزّ وجلّ فقال: غفرانك.

غُفْرانَكَ. وهو نصب على المصدر أي أغفر غفرانك، مثل قولنا: سبحانك أي نسبّحك سبحانك.

وقيل معناه: نسألك غفرانك.

رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. ظاهر الآية قضاء الحوائج، وفيها إضمار السؤال والحاجة، كأنّه قال لهم: تكلّفنا إلّا وسعنا، فأجاب الله فقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.

والوسع: اسم لما يسع الإنسان وما [يشقّ] عليه. وقيل: [يشق] ويجهد.

وقرأ إبراهيم ابن أبي عبلة الشامي: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وَسِعَها. بفتح الواو وكسر


(١) سورة الرعد: ٢٣.
(٢) سورة آل عمران: ١٠٦.
(٣) سورة السجدة: ١٢.
(٤) سورة الزمر: ٣.
(٥) راجع تفسير القرطبي: ٣/ ٤٢٩.
(٦) سورة الحاقة: ٤٧.
(٧) تفسير الطبري: ١٠/ ٥٩ وفيه: من قبلكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>