للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفعة نَزَّلَ عَلَيْكَ يا محمد الْكِتابَ القرآن بِالْحَقِّ: بالعدل، والصدق، مُصَدِّقاً: موافقا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ: لما قبله من الكتب في التوحيد، والنبوّات، والأخبار، وبعض الشرائع.

وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ قال البصريون: أصلها ووريه دوجله وحرقله فحوّلت الواو الاولى تاء وجعلت الياء المفتوحة ألفا فصارت توراة، ثم كتبت بالياء على أصل الكلمة، وقال الكوفيون: هي تفعله والعلة فيه ما ذكرنا مثل (توصية) ، و (توفية) فقلبت الياء ألفا كما يفعل طيئ، فيقول للجارية: جاراة، وللناصية: ناصاة، وأصلها من قولهم: «وري الزند» إذا أخرجت ناره وأولته أنا، قال الله عز وجل: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ «١» ، وقال: فَالْمُورِياتِ قَدْحاً «٢» فتسمى تورية لأنه نور وضياء دلّ عليه قوله تعالى: وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ «٣» قاله الفراء، وأكثر العلماء، وقال [المؤرج:] هي من التورية وهي كتمان الشيء والتعريض لغيره.

ومن الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إذا أراد شيئا وري بغيره» [٥] .

وكان أكثر التورية معارض وتلويحا من غير إيضاح وتصريح، وقيل: هي بالعبرانية «نوروثو» ومعناه: الشريعة.

والإنجيل أفضل من [النجل] وهو الخروج، ومنه سمّي الولد «نجلا» لخروجه.

قال الأعشى:

أنجب أزمان والداه به ... إذ نجّلاه فنعم ما نجلا «٤»

فسمي بذلك لأن الله تعالى أخرج به دارسا من الحق عافيا.

ويقال: هو من المتنجل، وهو سعة الجن، يقال: قطعته نجلا أي: واسعة فسمي بذلك لأنه أصل أخرجه لهم ووسعه عليهم نورا وضياء، وقيل: هو بالسريانية «انقليون» ومعناه:

الشريعة:

وقرأ الحسن الْأَنْجِيلَ بفتح الهمزة، يصححه الباقون بالكسر مثل: الإكليل.

مِنْ قَبْلُ رفع على الغاية والغاية هاهنا قطع الكتاب عنه كقوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وقال زهير:

وما كان من خير أتوه ... فإنّما توارثه آباء آبائهم قبل «٥»


(١) سورة الواقعة: ٧١.
(٢) سورة العاديات: ٢.
(٣) سورة الأنبياء: ٤٨.
(٤) الصحاح: ١/ ٢٢٢.
(٥) تفسير القرطبي: ٣/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>