للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وذكر لنا أنّهما كانا لا يصيبان من الذنوب كما يصيبه سائر بني آدم.

وقال وهب بن منبه: «لمّا ولد عيسى (عليه السلام) أتى الشياطين إبليس فقالوا: أصبحت الأصنام منكّسة، فقال: هذا لحادث حدث، وقال: مكانكم، فطار حتى جاء خافقي الأرض فلم يجد شيئا، ثم جاء البحار فلم يجد شيئا، ثمّ طار أيضا فوجد عيسى قد ولد، وإذا الملائكة قد حفّت حوله فلم يصل إليه إبليس فرجع إليهم، فقال: إنّ نبيا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلّا أنا بحضرتها إلّا هذه، فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة «١» .

فَتَقَبَّلَها: أي تقبل الله من حنّة مريم ورضيها مكان المحرر، يقال: قبل ولأن الشيء إذا رضيه يقبله قبولا بالفتح مصدر، مثل الزارع والزروع والقبول، ولم يأت غير هذه الثلاثة، والقياس الضم مثل الدخول والخروج، قاله أبو عمرو الكسائي والأئمّة، وقال بعضهم: معنى التقبّل: التكفّل في التربية والقيام بشأنها.

وقال الحسن: قبوله إيّاها أنه ما عذّبها ساعة من نهار ولا ليل «٢» .

رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ: ولم يقل بتقبّل وهذا النوع يقال له: المصدر على غير المصدر.

قال الفرّاء: مثل قولك تكلمت كلاما.

قال الفطامي: وخير الأمر ما استقلّت فيه وليس بأن يتبعه اتباعا.

وقال آخر: وإن مشيتم تعاودنا عوادا، ولم يقل: تعاودوا.

وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً: ولم يقل: إنباتا.

جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ يقول: سلك بها طريق السعداء وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً: يعني سوّى خلقها من غير زيادة ولا نقصان. وكانت تنبت في اليوم كمثل ما ينبت المولود في عام واحد.

ابن جريج: أَنْبَتَها ربها في غذائه ورزقه نَباتاً حَسَناً حتى تمت امرأة بالغة تامة.

وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا: قال المفسرون: أخذتها أمّ مريم حين ولدتها، فلفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد، فوضعتها عند الأحبار أولاد هارون وهم يومئذ يكونون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة فتنافس فيها الأحبار لأنّها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم، فقال لهم زكريا: أنا أحقكم بها [لأن] عندي خالتها.


(١) قصص الأنبياء: ٣٧٢.
(٢) تفسير القرطبي: ٤/ ٦٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>