للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوتى بها من هذه الأرض وليست مثل هذه. قال: هي من أرض أخرى، فاختلط على الملك فشدد عليه. قال: أنا أخبرك، عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إيّاه. وإنّه دعا الله تعالى [فجعل الماء خمرا] وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيّام. وكان أحبّ الخلق إليه. فقال: إنّ رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا ليستجابنّ له حتى يحيي ابني، فدعا عيسى فكلّمه في ذلك. فقال عيسى: لا تفعل، فإنه إن عاش كان شرا، فقال الملك: لا أبالي، أليس أراه، فلا أبالي ما كان.

فقال عيسى: فإن أحييته تتركوني وأمّي نذهب حيث نشاء. قال: نعم. فدعا الله فعاش الغلام. فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش بادروا بالسلاح وقالوا: أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه. فيأكلنا كما أكلنا أبوه فاقتتلوا.

وذهب عيسى وأمّه فمرّا بالحواريين وهم يصطادون السمك. فقال عيسى: ما تصنعون؟

قالوا: نصطاد السمك. قال: أفلا [تمشون] حتى نصطاد النّاس؟ قالوا: كيف ذلك. قالَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ؟ قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى بن مريم عبد الله ورسوله. فآمنوا به وانطلقوا معه. فهم الحواريون وذلك قوله فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «١» .

قال السدي وابن جريج والكسائي: مع الله، تقول العرب: الذّود إلى الذّود إبل.

وقال النابغة.

فلا تتركوني بالوعيد كأنني ... إلى النّاس مطليّ به القار أجرب «٢»

أي مع الناس.

وقال آخر «٣» :

ولوح ذراعين في بدن «٤» ... إلى جؤجؤ رهل المنكب «٥»

أي مع جؤجؤ.

نظيره قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ «٦» : أي مع أموالكم.

وقال الحسن وأبو عبيدة [من أنصاري في السبيل إلى الله] «٧» ، تعني في: أي من أعواني في الله؟: أي في ذات الله وسبيله.


(١) تفسير الطبري: ٣/ ٣٨٨ وما بين معقودين منه، والحديث طويل.
(٢) لسان العرب: ١٥/ ٤٣٥ وفيه تتركني بدل تتركوني.
(٣) في المصدر: البيت للجعدي.
(٤) في المصدر: بركة.
(٥) لسان العرب: ١٥/ ١٦٧. [.....]
(٦) سورة النساء: ٢.
(٧) زيادة عن تفسير القرطبي: ٤/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>