للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جحش. ثم تتابع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إرسالا إلى المدينة، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة إلى أن أذن، فقدم المدينة فجمع الله أهل المدينة أوسها وخزرجها بالإسلام، وأصلح ذات بينهم بنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، ورفع عنهم العداوة القديمة، وألّف بينهم، وذلك قوله وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يا معشر الأنصار إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً قبل الإسلام فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بالإسلام فَأَصْبَحْتُمْ: فصرتم، نظيره قوله في المائدة: فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ «١» وقوله:

فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ «٢» وفي حم السجدة فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «٣» وفي الكهف:

أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً «٤» .

بِنِعْمَتِهِ: بدينة الإسلام إِخْواناً في الدين والولاية، نظيره قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ «٥» .

وعن أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا. وأشار بيده إلى صدره. حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» [٨٦] «٦» .

أبو بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» ، وشبك بين أصابعه «٧» .

الشعبي عن النعمان بن بشير أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: المؤمنون كرجل واحد.

قال: «المؤمنون كرجل واحد لجسد إذا اشتكى رأسه تداعى له سائره بالحمى والسهر» [٨٧] «٨» .

وَكُنْتُمْ يا معشر الأوس والخزرج عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ. قال الراجز:

نحن حفرنا للحجيج سجله ... نابتة فوق شفاها بقله

ومعنى الآية: كنتم على طرف حفرة من النار ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلّا أن تموتوا على كفركم، فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها بالإيمان. قال: وبلغنا أنّ أعرابيا سمع ابن عباس وهو يقرأ هذه


(١) المائدة: ٣٠.
(٢) المائدة: ٣١.
(٣) فصلت: ٢٣.
(٤) الكهف: ٤١.
(٥) سورة الحجرات: ١٠.
(٦) مسند أحمد: ٢/ ٢٨٨. ٦٧. ٢٧٧.
(٧) صحيح البخاري: ١/ ١٢٣. [.....]
(٨) مسند أحمد: ٤/ ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>