للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر مناقبهم فقال: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ إلى لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً. الآية. قال مقاتل: إنّ رؤوس اليهود كعبا وعديا والنعمان وأبا رافع وأبا ياسر وكنانة وأبو صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه: فآذوهم لإسلامهم، فأنزل الله تعالى لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً يعني لن يضركم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلّا أذى باللسان يعني وعيدا وطعنا. وقيل: دعاء إلى الضلالة. وقيل: كلمة الكفر إن يسمعوها منهم يتأذّوا بها وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ منهزمين، وهو جزم بجواب الجزاء، ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ استأنف «١» لأجل رؤوس الآي لأنها على النون، كقوله وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ «٢» . تقديرها: ثم هم لا ينصرون.

وقال في موضع آخر: لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا «٣» إذ لم يكن رأس آية.

قال الشاعر:

ألم تسأل الربع القديم فينطق

أي فهو ينطق.

قال الأخفش: قوله لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً استثناء خارج من أول الكلام، كقول العرب:

ما اشتكى شيئا إلّا خيرا، قال الله تعالى لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً. إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً «٤» ولأن هذا الأذى لا يضرهم. ومعناه لكن آذى.

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا: حيثما وجدوا ولقوا، يعني: حيث ما لقوا غلبوا واستضعفوا وقتلوا فلا يؤمنون إِلَّا بِحَبْلٍ: عهد من الله وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ: محمد والمؤمنين يردون إليهم الخراج فيؤمنونهم. وفي الكلام اختصار، يعني: إلّا أن يعتصموا بحبل، كقول الشاعر:

رأتني بحبليها فصدّت مخافة ... وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق

أي أقبلت بحبليها.

وقال آخر:

حنتني حانيات الدهر حتى ... كأني خامل أدنو لصيد

قريب الخطو يحسب من رآني ... ولست مقيدا أني بقيد


(١) أي جعلت ثُمَّ استئنافية لا عاطفة، ولو جعلها عاطفة لجزم الفعل بعدها.
(٢) المرسلات: ٣٦.
(٣) فاطر: ٣٦. [.....]
(٤) النبأ: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>