للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال علي (رضي الله عنه) : «فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون، فإذا هم قد أجبنوا الخيل وامتطوا الإبل وتوجهوا إلى مكة، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أي ذلك كان فأخفه حتى تأتيني، فلما رأيتهم قد توجهوا إلى مكة أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم لما بي من الفرح وانصرفوا إلى مكة وانصرفنا إلى المدينة، فأنزل الله تعالى في ذلك أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ» «١» يعني أن انصرفوا إليكم ودخلوا المدينة.

وفي قراءة أبي (ألا يكفيكم أن يمدكم ربكم) ، أي يعطيكم ويعينكم.

قال المفضل: [كل] «٢» ما كان على جهة القوة والإعانة، قيل فيه: أمده يمده إمدادا، وكل ما كان على جهة الزيادة قيل: مدّه يمدّه مدّا، ومنه قوله: وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ «٣» .

وقال بعضهم: المد في الشر، والإمداد في الخير. يدل عليه قوله تعالى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «٤» وقوله وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا «٥» .

وقال في الخير أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ «٦» وقال: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ. وقال وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ «٧» .

وقال: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ «٨» . وقال: وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ «٩» ، وقال: وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ «١٠» ، مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ «١١» مُنْزَلِينَ. قرأ أبو حيوة: بكسر الزاي، مخفّفا، يعني منزلين النصر. وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف وعمر ابن ميمون وابن عامر مشددة مفتوحة الزاي على التكثير. وتصديقه قوله: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ «١٢» .

وقوله: مُسَوِّمِينَ. وقرأ الآخرون: بفتح الزاي خفيفة. ودليله قوله: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا «١٣» وقوله: وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها «١٤» . وتفسير الإنزال: جعل الشيء من علو إلى سفل، ثم قال: بَلى وهو تصديق لقول الله تعالى وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

إِنْ تَصْبِرُوا لعدوّكم وَتَتَّقُوا معصية ربكم.


(١) تاريخ الطبري: ٢/ ٢٠٧.
(٢) في المخطوط: على.
(٣) لقمان: ٢٧.
(٤) البقرة: ١٥.
(٥) مريم: ٧٩.
(٦) الأنفال: ٩.
(٧) الإسراء: ٦.
(٨) المؤمنون: ٥٥.
(٩) الطور: ٢٢.
(١٠) نوح: ١٢.
(١١) الأنفال: ٩.
(١٢) الأنعام: ١١١.
(١٣) الفرقان: ٢١. [.....]
(١٤) التوبة: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>