للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا الآية، هذا تعزية من الله لنبيه صلى الله عليه وسلّم وللمؤمنين على ما أصابهم من القتل والجرح يوم أحد، وحثّ منه إياهم على قتال عدوهم، ونهى عن العجز والفشل فقال:

وَلا تَهِنُوا أي ولا تضعفوا ولا تخيبوا يا أصحاب محمد على جهاد أعدائكم بما قاتلوكم يوم أحد من القتل والقرح وَلا تَحْزَنُوا على ظهور أعدائكم وعلى ما أصابكم من المصيبة والهزيمة، وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين: حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير صاحب راية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعبد الله بن جحش ابن عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبة، ومن الأنصار سبعون رجلا.

وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ أي لكم تكون العاقبة والنصر والظفر.

إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني إذ كنتم، ولأنكم مؤمنون.

قال ابن عباس: انهزم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالشعب فبينا هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلوا عليهم الجبل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم لا تعل علينا اللهم لا قوة لنا إلّا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر» «١» [١٥٣] فأنزل الله تعالى هذه الآية، فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل، فرموا خيل المشركين حتى هزموهم وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ «٢» .

وقال الكلبي: نزلت هذه الآية بعد يوم أحد، حين أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يخرج إلّا من شهد معنا بالأمس» «٣» واشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية، ودليله قوله عزّ وجلّ: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ «٤» الآية.

وقيل: (وَلا تَهِنُوا) لما نالكم من الهزيمة (وَلا تَحْزَنُوا) على ما فاتكم من الغنيمة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بقضاء الله ووعده.

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ الآية.

قال راشد بن سعد: لما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كئيبا حزينا جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها وأبيها مقتولين وهي تلدم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أهكذا يفعل برسولك؟» «٥» [١٥٤] فأنزل الله تعالى إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ جرح يوم أحد فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ يوم بدر.


(١) تفسير القرطبي: ٤/ ٢١٧.
(٢) فتح الباري: ٧/ ٢٦٨.
(٣) تفسير القرطبي: ٤/ ٢٧٧.
(٤) سورة النساء: ١٠٤.
(٥) أسباب نزول الآيات: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>