ألّا أقوم الدهر في الكيول ... أضرب بسيف الله والرسول
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إنها لمشية يبغضها الله إلّا في هذا الموضع» ثم حمل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه على المشركين فهزموهم [١٥٦]«١» .
وقتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة وهو يحمل لواء قريش، فأنزل الله نصره على المؤمنين.
قال الزبير بن العوّام: فرأيت هندا وصواحبها هاربات مصعدات في الجبل باديات خدادهن ما دون أخدهن شيء، فلما نظرت الرماة إلى القوم قد انكشفوا ورأوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ينتهبون الغنيمة أقبلوا يريدون النهب. واختلفوا، فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال بعضهم: ما بقي من الأمر شيء، ثم انطلقوا عامتهم ولحقوا بالعسكر، فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة واشتغال المسلمين بالغنيمة ورأوا ظهورهم خالية، صاح في خيل المشركين ثم حمل على أصحاب النبي من خلفهم، فهزموهم وقتلوهم، ورمى عبد الله بن قمية الحارثي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجّه في وجهه فأثقله، وتفرّق عنه أصحابه، فأقبل عبد الله بن قمية يريد قتل رسول الله فذب مصعب بن عمير. وهو صاحب راية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر، ويوم أحد وكان اسم رايته العقاب. عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى قتل مصعب دونه، قتله ابن قمية فرجع وهو يظن أنه قتل رسول الله، فقال: إني قتلت محمدا وصاح صارخ: ألا أن محمدا قد قتل، ويقال: إن ذلك الصارخ إبليس لعنه الله فانكفأ الناس وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعوا الناس ويقول: «إليّ عباد الله إليّ عباد الله»[١٥٧] فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فحموه حتى كشفوا عنه المشركين، ورمى سعد بن أبي وقاص حتى اندقت سية قوسه وأصيبت يد طلحة بن عبد الله فيبست، وقى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حتى وقعت على وجنته فردّها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكانها فعادت كأحسن ما كانت، فلما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أدركه أبي بن خلف الجمحي وهو يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منّا فقال: «دعوه» حتى إذا دنا منه، وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله فيقول:
عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها.
قال رسول الله:«بل أنا أقتلك إن شاء الله»[١٥٨] فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحربة من الحارث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه وخدشه خدشة فتدهده عن فرسه وهو يخور كما يخور الثور ويقول: قتلني محمد، واحتمله أصحابه فقالوا: ليس عليك