قتل. قرأ قتادة وابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (قتل) : وهي قراءة ابن عباس واختيار أبي حاتم.
وقرأ الآخرون: (قاتَلَ) ، وهي قراءة ابن مسعود واختيار أبي عبيد، فمن قرأ (قاتَلَ) فلقوله:
فَما وَهَنُوا ويستحيل وصفهم بأنهم لم يهنوا بعد ما قتلوا، ولقول سعيد بن جبير: ما سمعنا أن نبيا قط قتل في القتال.
وقال أبو عبيد: إن الله تعالى إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلا فيه، وإذا حمد من قتل خاصة لم يدخل فيه غيرهم، فقاتل أعم.
ومن قرأ (قتل) فله ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون القتل واقعا على النبي وحده، وحينئذ يكون تمام الكلام عند قراءة (قتل) فيكون في الآية إضمار معناه ومعه رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ كما يقال: قتل الأمير معه جيش عظيم، أي ومعه، ويقول: خرجت معي تجارة، أي ومعي.
والوجه الثاني: أن يكون القتل نال النبي ومعه من الربيين، ويكون وجه الكلام: قتل بعض من كان معه، تقول العرب: قتلنا بني تميم وبني فلان، وإنما قتلوا بعضهم ويكون قوله: فَما وَهَنُوا راجعا إلى الباقين الذين لم يقتلوا.
والوجه الثالث: أن يكون القتل للربيين لا غير.
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، قرأ ابن مسعود وأبو رجاء والحسن وعكرمة: (رُبِّيُّونَ) بضم الراء، وهي لغة بني تميم.
الباقون: بالكسر، وهي اللغة الفاشية [العالية] .
والربيون جمع الربّية وهي الفرقة، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع.
السدي: جموع كثير.
قال حسان:
وإذا معشر تجافوا عن الحق ... حملنا عليهم ربيا «١»
ابن مسعود: الربيون الألوف، الضحاك: الربية الواحدة ألف، الكلبي: الربية الواحدة عشر ألف، الحسن: فقها علما صبرا، ابن زيد: هم الأتباع، والرابيون: هم الولاة، والربيون:
الرعية، وقال بعضهم: هم الذين يعبدون الرب، والعرب تنسب الشيء إلى الشيء فيغير حركته
(١) تفسير القرطبي: ٤/ ٢٣٠، الدر المنثور: ٢/ ٨٢.