للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالميت بين يدي الغاسل، يقلّبه كيف أراد لا يكون له حركة ولا تدبير، والمتوكل لا يسأل ولا يرد ولا يحبس.

أبو تراب النخشبي: التوكل الطمأنينة إلى الله عزّ وجلّ. بشر الحافي: الرضا، وعن ذي النون وقد قال له رجل: يا أبا الفيض ما التوكّل؟ قال: خلع الأرباب وقطع الأسباب. فقال:

زدني فيه حالة أخرى. فقال: إلقاء النفس في العبودية وإخراجها من الربوبية.

وقال إبراهيم الحواص: حقيقة التوكل إسقاط الخوف والرجاء ممّا سوى الله، ابن الفرجي: ردّ العيش لما يوم واحد وإسقاط غم غد، وعن علي الروذباري قال: مراعاة التوكل ثلاث درجات:

الأولى منها: إذا أعطى شكر وإذا منع صبر.

والثانية: المنع والإعطاء واحد.

والثالثة: المنع مع الشكر أحب إليه، لعلمه باختيار الله ذلك له.

وروى عن إبراهيم الخواص أنه قال: كنت في طريق مكة، فرأيت شخصا حسنا فقلت:

أجني أم إنسي؟ فقال: بل جنيّ. فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى مكة. قلت: بلا زاد؟ قال: نعم، فينا أيضا من يسافر على التوكل. فقلت له: ما التوكل؟ قال: الأخذ من الله.

ذو النون أيضا: هو انقطاع المطامع.

سهل أيضا: معرفة معطي أرزاق المخلوقين ولا يصح لأحد التوكل حتى تكون السماء عنده كالصفر والأرض عنده كالحديد، لا ينزل من السماء مطر ولا يخرج من الأرض نبات، ويعلم أن الله لا ينسى ما ضمن له من رزقه بين هذين.

وعن بعضهم: هو أن لا يعصي الله من أجل رزقه.

وقال آخر: حسبك من التوكل أن لا تطلب لنفسك ناصرا غير الله ولا لرزقك خازنا غيره ولا لعملك شاهدا غيره.

الجنيد (رحمه الله) : التوكل أن تقبل بالكلية على ربّك، وتعرض ممّن دونه.

النوري: هو أن يفني تدبيرك في تدبيره، وترضى بالله وكيلا ومدبرا، قال الله عزّ وجلّ:

وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «١» وقيل: هو اكتفاء العبد الذليل بالربّ الجليل، كاكتفاء الخليل بالخليل حين لم ينظر إلى عناية جبرئيل.

وقيل: هو السكون عن الحركات اعتمادا على خالق الأرض والسماوات.


(١) سورة النساء: ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>