للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قرأ بالتاء، قال الفراء: هو على التكرير في المعنى، ولا تحسبن يا محمد الذين كفروا ولا تحسبن إنما نملي، لأنك إذا أعلمت الحسبان في الذين لم يجز أن يقع على إنما، وهو كقوله: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً «١» يعني هل ينظرون إلّا أن تأتيهم بغتة، وقيل: موضع إنما نصب على البدل من الذين.

كقول الشاعر:

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما «٢»

فرفع (هلك) على البدل، من الأول، والإملاء الإمهال والتأخير والإطالة في العمر والإنسان في الأجل، ومنه قوله تعالى: وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا «٣» أي حينا طويلا ويقال: عشت طويلا، أي تمليت حينا، وأصله من الملاوة والملا وهما الدهر.

قال الشاعر:

وقد أراني للغوالي مصيدا ... ملاوة كأن فوقي جلدا «٤»

والملوان: الليل والنهار.

قال تميم بن مقبل:

ألا يا ديار الحي ... بالسبعان أمل عليها بالبلى «٥»

ثم قال أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ نمهلهم لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ نزلت هذه الآية في مشركي قريش.

قال مقاتل: قال عطاء: في قريظة والنضير.

وعن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله» ، قال: فأي الناس شر؟ قال: «من طال عمره وساء عمله» «٦» [١٩٨] .

وقال ابن مسعود: ما من نفس برّة ولا فاجرة إلّا والموت لها، فأما الفاجرة فمستريح ومستراح منه، وقرأ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ الآية، وأما البرّة فقرأ نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.


(١) سورة محمد: ١٨.
(٢) تفسير القرطبي: ٣/ ٤٤، البداية والنهاية: ٨/ ٣٥.
(٣) سورة مريم: ٤٦.
(٤) لسان العرب: ٣/ ١٢٥.
(٥) لسان العرب: ٨/ ١٥٠.
(٦) مسند أحمد: ٥/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>