للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أزنيت أنت؟» قال: نعم فأمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم فرجم، وجاء النبي فقال:

«استغفروا لماعز بن مالك» ، فقالوا: أيغفر الله لماعز بن مالك؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لقد تاب ماعز توبة لو قسّمت بين أمة لوسعتها» «١» [٢٥٧] .

وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لقد خشيت أن يطول الناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنا، إذا أحصن وقامت البينة أو الحمل أو الاعتراف، وقد قرأتها: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة، ألا وقد رجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده.

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ قال الحسن: يعني التوبة التي يقبلها الله، فتكون على بمعنى عند، أقامه مقام صفة.

قال الثعلبي: وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: (على) هاهنا بمعنى (من) يقول: إنما التوبة من الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ، اختلفوا في معنى الجهالة:

فقال مجاهد والضحاك: هي العمد.

وقال الكلبي: لم يجهل أنه ذنب ولكنه جهل عقوبته.

وقال سائر المفسرين: يعني المعاصي كلها، فكل من عصى ربّه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.

قتادة: اجتمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرأوا أنّ كل شيء عصي به ربّه فهو جهالة، عمدا كان أو غيره.

وقال الزجاج: معنى قوله: بِجَهالَةٍ اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية، نظيرها في الأنعام مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ «٢» ، ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ معناه قبل أن يحبطون السوء بحسناته فيحبطها.

قال السدي والكلبي: القريب ما دام في صحته قبل المرض والموت.

عكرمة وابن زيد: ما قبل الموت فهو قريب.

أبو مجلن والضحاك: قبل معاينة ملك الموت.

أبو موسى الأشعري: هو أن يتوب قبل موته بفواق ناقة.


(١) كنز العمال: ١٣/ ٥٩٢- ٥٩٣، شرح مسند أبي حنيفة: ٢٥٢.
(٢) سورة الأنعام: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>