للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال قتادة: المصة والمصتان.

والشرط الثاني: أن يكون من الحولين، وما كان بعد الحولين فإنه لا يحرم، وكان أبو حنيفة يرى ذلك بعد الحولين ستة أشهر.

ومالك: بعد الحولين شهرا، والدليل على أن ما بعد الحولين من الرضاع بقوله:

وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ «١» وليس بعد الكمال والتمام شيء،

وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا رضاع بعد الحولين، وإنما الرضاع ما أنبت اللحم وأنشر العظم» «٢» [٢٨٢] .

وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ أم المرأة حرام دخل بها أو لم يدخل، وهو قول أكثر الفقهاء، وعليه الحكم والفتيا، وقد شدد أهل العراق فيها حتى قالوا: لو وطأها أو قبّلها أو لامسها بالشهوة حرمت عليه ابنتها. وعندنا إنما يحرم بالنكاح الصحيح، والحرام لا يحرم الحلال، وكان ابن عباس يقرأ (وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن) ويحلف بالله ما نزل إلّا هكذا ويقول: هي بمنزلة الربائب، فلما كانت الربائب لا يحرمن بالعقد على أمهاتهن دون الوطء، كذلك أمهات النساء لا يحرمن بالعقد على بناتهن دون الوطء، وهو

قول علي وزيد وجابر وابن عمر وابن الزبير قالوا: نكاح أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن حلال

، والقول الأول هو الأصح.

قال ابن جريح: قلت لعطاء: الرجل ينكح المرأة ثم يراها ولا يجامعها حتى يطلقها، أيحل له أمّها؟ قال: لا، هي مرسلة دخل بها أو لم يدخل. فقلت له: كان ابن عباس يقرأ:

(وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن) قال: لا.

وروى عمرو بن المسيب عن أبيه عن جدّه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالبنت أو لم يدخل وإذا تزوج الأم ولم يدخل، بها ثم طلقها فإن شاء تزوج بالبنت» .

وَرَبائِبُكُمُ جمع الربيبة وهي ابنت المرأة، قيل لها: ربيبة، لتربيته إياها، فعيلة بمعنى مفعولة اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ أي في ضمانكم وتربيتكم، يقال: فلان في حجر فلان إذا كان يلي تربيته، ويقال: امرأة طيبة الحجر إذا لم تربّ ولدا إلّا طيب الولد.

قال الكميت:

الكرمات [نسبة] في قريش ... [وسواهم] والطيبات الحجورا

ومنه قيل للحظر حجر، والأصل فيه الناحية، يقال: فلان يأكل في حجره ويريض حجره.


(١) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٢) مسند أحمد: ١/ ٤٣٢، وسنن الدارقطني: ٤/ ١٠١ بتفاوت في الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>