للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام لي، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنّه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويفتقرون [إلى] «١» العلم وذكر من لسانهم أنّهم يزعمون أن لا قدر، وأنّ الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنّهم برءاء مني، والذي يحلف به عبد الله ابن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر.

ثم قال: أخبرنا أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وأسند ركبته إلى ركبته، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الإسلام أن يشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» ، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدّقه! قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وتؤمن بالقدر خيره وشره» .

قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» ، قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» ، قال: فأخبرني عن إماراتها؟ قال: «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة شاهقون في البنيان» ، قال: ثم انطلق، فلبث علينا ثم قال: يا عمر من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنّه جبرائيل عليه السّلام أتاكم ليعلمكم دينكم» «٢» .

ثم يسمى اقرار اللسان وأعمال الأبدان إيمانا بوجه من المناسبة وضرب من المقاربة لأنها من شرائعه وتوابعه وعلاماته وإماراته كما نقول: رأيت الفرح في وجه فلان، ورأيت علم زيد في تصنيفه وإنّما الفرج والعلم في القلب،

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الإيمان بضع وسبعون بابا، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها شهادة «٣» أن لا إله إلّا الله» [٦٦] «٤» .

وعن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان» [٦٧] «٥» .

الحسن بن علي قال: حدثني علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان» [٦٨] «٦» .


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) صحيح مسلم: ١/ ٢٨- ٢٩ بطوله.
(٣) في المصدر: وارفعها قول.
(٤) مسند أحمد: ٢/ ٤٤٥، وكنز العمّال: ١/ ٣٦.
(٥) صحيح مسلم: ١/ ٤٦.
(٦) المعجم الأوسط: ٦/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>