للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يلزمك ويصحبك رجاء برّك ورفدك. وقال ابن عباس: إنّي لأستحي أن يطأ الرجل بساطي ثلاث مرات لا يرى عليه أثر من برّي. وقال المهلّب: إذا غدا عليكم الرجل وراح، فكفى به مسألة وتذكرة بنفسه.

وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ خير الأصحاب عند الله عز وجلّ خيرهم لصاحبه، خير الجيران عند الله خيرهم لجاره» «١» [٣١٢] .

عثمان بن عطا، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس بمؤمن من لا يؤمن جاره بوائقه، فأيّما رجل أغلق أبوابه دون جاره، فخافه على أهله وماله فليس ذلك بمؤمن» . قالوا: يا رسول الله، وما حق الجار؟ قال: «إن دعاك أجبته، وإن أصابته فاقة عدت عليه، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خير هنأته، وإن مرض عدته، وإن أصابه مصيبة عزّيته، وإن توفي شهدت جنازته، ولا تستعل عليه بالبنيان لتحجب عنه الريح إلّا بإذنه، ولا تؤذه بقتار «٢» قدرك إلّا أن يغرف له منها، وإن ابتعت فاكهة فأهد له منها، وإن لم تفعل فأدخلها سرّا، ولا يخرج ولدك منها فيغيظ ولده» .

ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاثة حقوق، ومنهم من له حقّان، ومنهم من له حق واحد فأما صاحب الثلاثة الحقوق: فالمسلم الجار ذو الرحم، له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم، وأمّا صاحب الحقّين: فالمسلم الجار له حق الإسلام وحق الجار، وأمّا صاحب الحق الواحد، فالمشرك الجار، له حق الجوار، وإن كان مشركا» «٣» [٣١٣] .

أبو هشام القطان، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من آذى جاره فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله عزّ وجلّ» «٤» [٣١٤] .

وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني المماليك،

عن أبي أمامة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دفع إلى أبي ذرّ غلاما، فقال: «يا أبا ذرّ أطعمه مما تأكل واكسه مما تلبس» ، قال: لم يكن له سوى ثوب واحد فجعله نصفين، فراح إلى نبي الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: «ما شأن ثوبك هذا؟» ، فقال: إن الفتى الذي دفعته إليّ أمرتني أن أطعمه مما آكل واكسوه مما ألبس، وإنه لم يكن معي إلّا هذا الثوب فناصفته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أشير عليك بأن تعتقه» ، ثم قال رسول الله: «ما فعل فتاك؟» قال: ليس لي فتى فقد أعتقته، قال: «آجرك الله يا أبا ذرّ» «٥» [٣١٥] .


(١) الجامع الصغير: ١/ ٦١٧ ح ٣٩٩٨.
(٢) القتار: رائحة القدر. النهاية في غريب الحديث والأثر ٤: ١٢. قتر.
(٣) كنز العمال: ٩/ ١٨٥ ح ٢٥٦١٣ بتفاوت، وتفسير القرطبي: ٥/ ١٨٤.
(٤) كنز العمال: ٩/ ٥٦ ح ٢٤٩٢٧.
(٥) مجمع الزوائد: ٤/ ٢٣٧ بتفاوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>