للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخالطونهم وينصحونهم، فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنّا نخشى عليكم الفقر، ولا ندري ما يكون، فأنزل الله عزّ وجلّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ إلى قوله: مِنْ فَضْلِهِ يعني المال.

وقال يمان: يعني يبخلون بالصدقة.

الفضل بن فضالة، عن أبي رجاء قال: خرج علينا عمران بن حصين في مطرف من خزّ لم نره عليه قبل ولا بعد، فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمة، أحبّ أن يرى أثر نعمته عليه» «١» [٣١٧] .

وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ إلى الأخير، محل الذين نصب عطفا على قوله: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ، وإن شئت جعلته في موضع الخفض عطفا على قوله: وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ نزلت في اليهود، وقال السدي: في المنافقين، وقيل: في مشركي مكة المتفقين على عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً صاحبا وخليلا، وهو فعيل من الاقتران، قال عدي بن زيد:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي «٢»

فَساءَ قَرِيناً فبئس الشيطان قرينا، وقد نصب على التمييز، وقيل: على الحال، وقيل:

على القطع بإلقاء الألف واللام منه، كما نقول: نعم رجلا، عبد الله، تقديره: نعم الرجل عبد الله، فلمّا حذف الألف واللام نصب، كقوله بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا «٣» ، وساءَ مَثَلًا «٤» ، وساءَتْ مُرْتَفَقاً «٥» ، وساءَتْ مُسْتَقَرًّا»

، وحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «٧» ، وكَبُرَ مَقْتاً «٨» ، قال المفسرون: فَساءَ قَرِيناً أي يقول: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ «٩» .

وَماذا عَلَيْهِمْ وما الذي عليهم لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً. إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ إلى آخر الآية، وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ؟ فإنّ الله لا يظلم- أي لا يبخس- ولا ينقص أحدا من خلقه من ثواب عمله شيئا مثقال ذرّة مثلا، بل يجازيه بها ويثيبه عليها وهذا مثل يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ، فكيف بأكثر منها؟ والمراد من الكلام: لا يظلم قليلا، لأن الظلم مثقال ذرّة لا ينتفع به الظالم، ولا يبين ضرره في المظلوم. وقيل: [ ... ] «١٠» ، ودليله من التأويل قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً «١١» في الدنيا.


(١) المعجم الكبير: ١٨/ ١٣٥.
(٢) تفسير الطبري: ٥/ ١٢٣.
(٣) سورة الكهف: ٥٠.
(٤) سورة الأعراف: ١٧٧.
(٥) سورة الكهف: ٢٩. [.....]
(٦) سورة الفرقان: ٦٦.
(٧) سورة النساء: ٦٩.
(٨) سورة غافر: ٣٥، سورة الصف: ٢.
(٩) سورة الزخرف: ٣٨.
(١٠) سواد في مصوّرة المخطوط.
(١١) سورة يونس: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>