للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْآخِرَةِ أي بالدار الآخرة، وسمّيت آخرة لأنّها تكون بعد الدّنيا ولأنّها أخّرت حتى تفنى الدنيا ثم تكون.

هُمْ يُوقِنُونَ يعلمون ويتيقّنون أنها كائنة، ودخل (هُمْ) تأكيدا، يسمّيه الكوفيون عمادا والبصريون فصلا.

أُولئِكَ أهل هذه الصفة، وأولاء: اسم مبني على الكسر، ولا واحد له من لفظه، والكاف خطاب، ومحل أُولئِكَ رفع بالابتداء وخبره في قوله: عَلى هُدىً رشد وبيان وصواب. مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ ابتدائان وهُمُ عماد الْمُفْلِحُونَ خبر الابتداء وهم الناجون الفائزون فازوا بالجنّة ونجوا من النار، وقيل: هم الباقون في الثواب والنعيم المقيم.

وأصل الفلاح في اللغة: البقاء. قال لبيد:

نحلّ بلادا كلها حل قبلنا ... ونرجو فلاحا بعد عاد وحمير «١»

وقال آخر:

لو كان حي مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح

أبو براء يدرة المسياح «٢»

وقال مجاهد: أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين، وآيتان بعدهما نزلت في الكافرين، وثلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا: يعني مشركي العرب، وقال الضحّاك: نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته. وقال الكلبي: يعني اليهود، وقيل: المنافقون.

والكفر: هو الجحود والإنكار.

وأصله من الكفر وهو التغطية والسّتر، ومنه قيل للحراث: كافر لأنّه [يستر البذر] ، قال الله تعالى: أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ «٣» : يعني الزرّاع، وقيل للبحر: كافر، ولليل: كافر. قال لبيد:

حتى إذا ألقت يدا في كافر ... وأجن عورات الثغور ظلامها «٤»

في ليلة كفر النجوم غمامها «٥»


(١) تفسير الطبري: ١/ ١٨٢.
(٢) تاج العروس: ٢/ ١٤٦ لسان العرب: ٢/ ٤٥٤ وفيه: (أبا براء مدرة السياح) ، والمسياح: من يسيح بالنميمة والشر في الأرض.
(٣) سورة الحديد: ٢٠.
(٤) لسان العرب: ٥/ ١٤٧.
(٥) جامع البيان للطبري: ١/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>