بينهما، دليله ما
أخبر الشافعي عن ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر: إنّه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمدينة تيمّم فمسح وجهه ويديه وصلّى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة، والجرف قريب من المدينة.
والشرط الخامس: النية المكنونة.
وقوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً عنى: اقصدوا ترابا طيبا، واختلف العلماء في الممسوح به في التيمم على أربعة مذاهب:
قال أبو حنيفة: يجوز التيمم بالأرض ومما كان من جنسها، وإن لم يعلق بيده منها شيء، فأجاز بالكحل والزرنيخ والنورة من الجصّ والحجر المسحوق، بل وحتّى الغبار، وحتى فيما لو ضرب يده على صخرة ملساء فمسح أجزاه، فأمّا إن تيمّم بسحالة الذهب والفضة والصفر والرصاص والنحاس لم يجزه، لأنّه ليس من جنس الأرض.
قال مالك: يجوز بالأرض وبكلّ ما اتّصل فيها، فأجاز التيمم بأجناس الأرض والشجر، فقال: لو ضرب يده على غيره ثم مسح بها أجزأه.
وقال الأوزاعي والثوري: يجوز بالأرض وبكلّ ما عليها من الشجر والحجر والمدر وغيرها حتى قالا: لو ضرب يديه على الجمد والثلج أجزاه، واحتجوا بما
روى عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة، حتى دخلنا على أبي جهيم الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو جهيم: أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من نحو بئر الجمل فلقيه رجل فسلّم عليه فلم يرد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم ردّ عليه.
وذهب الشافعي إلى أن الممسوح به تراب طاهر ذو غبار تعلّق باليد وهو الاختيار لهذا لأن الله عزّ وجلّ قال: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فالصعيد اسم التراب، والطيب اسم لما ينبت، فأمّا ما لا ينبت من الأرض فليس بطيّب، والدليل عليه قوله تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ،
ولقول النبي صلّى الله عليه وسلم «جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا»
[٣٣٤] ، فخصّ التراب ذلك، والله أعلم.
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً وقد مضى الكلام في الممسوح به، فأما قدر الممسوح وكيفية التيمم، فاختلف الناس فيه على خمسة مذاهب:
فقال الزهري: تمسح على الوجه واليدين إلى الآباط والمناكب، واحتجّ بما
روى عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس عن عمار بن ياسر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان في سفر ومعه عائشة فضلّ عقدها، فاحتبسوا في طلبه يوما، قال: فنزلت آية التيمم، فضربوا بأيديهم إلى الأرض، ثم رفعوا