للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلِكَ خَيْرٌ أي ذلك الردّ خير لكم وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا جزاء وعاقبة، والتأويل ما يؤول للأمر.

أبو المليح الهذلي عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اعملوا بالقرآن، أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه وآمنوا به ولا تكفروا بشيء منه، وما اشتبه عليكم، فردّوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي كيما يخبروكم، وآمنوا به وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وليسعكم القرآن وما فيه من البيان فإنّه شافع مشفّع وكامل مصدّق وله بكلّ حرف نور يوم القيامة» «١» [٣٦٥] .

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا الآية.

قال الحسن: انطلق رجل يحاكم آخر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: الآخر لا بل انطلق إلى وثن بيت فلان [فأنزل] الله هذه الآية.

قال الشعبي: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فقال اليهودي:

أحاكمك إلى محمّد، وقال المنافق: لا، فجعل اليهودي يدعو إلى المسلمين لأنّه علم أنهم لا يقبلون الرشوة ولا يجورون في الحكم، وجعل المنافق يدعو إلى اليهود لأنّه علم أنّهم يقبلون الرشوة ويميلون في الحكم فاختلفا. ثم اتّفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة فيتحاكما إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية.

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في رجل من المنافقين يقال له بسر، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال: انطلق بنا إلى محمّد وقال المنافق بل إلى كعب بن الأشرف، وهو الذي سماه الله الطاغوت، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلّا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلمّا رأى المنافق ذلك أتى معه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاختصما إليه، فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق، وقال: انطلق بنا إلى عمر (رضي الله عنه) فأقبلا إلى عمر، فقال اليهودي: اختصمت أنا وهذا إلى محمّد فقضى لي عليه فلم يرض بقضائه وزعم أنه يخاصم إليكم وأنه تعلق بي فجئت معه فقال عمر للمنافق: أكذلك؟ قال: نعم.

فقال لهما: رويد كما حتى أخرج إليكما فدخل عمر البيت وأخذ السيف ثم خرج إليهما فضرب به المنافق حتى برد وقال. هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله وقضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهرب اليهودي ونزلت هذه الآية.

وقال جبريل: إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق.

وقال السدي: كان ناس من اليهود أسلموا وأبى بعضهم وكانت قريضة والنضير في الجاهلية إذا قتل رجل من بني قريضة رجلا من بني النضير قتل به وأخذ ديته مائة وسق تمر وإذا


(١) تفسير الثعالبي: ١/ ١٧٧، والمستدرك: ١/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>