للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا: صدّقنا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ: أي يوم القيامة «١» .

قال الله تعالى: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ والناس: هم جماعة من الحيوان المتميّز بالصورة الإنسانية، وهو جمع إنسان، وإنسان في الأصل إنسيان بالياء، فأسقطوا الياء منه ونقلوا حركته إلى السين فصار إنسانا الا ترى إنّك إذا صغرته رددت الياء إليه فقلت: أنيسيان، واختلف العلماء في تسميته بهذا الاسم: فقال ابن عباس: سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي. قال الله تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ «٢» ، وقال الشاعر:

وسمّيت إنسانا لأنك ناسي «٣»

وقال بعض أهل المعاني: سمّي إنسانا لظهوره وقدس البصير إياه من قولك: آنست كذا:

أي أبصرت. فقال الله تعالى آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً «٤» وقيل: لأنه استأنس به، وقيل:

لما خلق الله آدم آنسه بزوجته فسمّي إنسانا.

يُخادِعُونَ اللَّهَ: أي يخالفون الله ويكذّبونه، وأصل الخدع في اللغة: الإخفاء، ومنه قيل [للبيت الذي يحيا فيه المتاع] مخدع، والمخادع يظهر خلاف ما يضمر، وقال بعضهم: أصل الخداع في لغة: الفساد، قال الشاعر:

أبيض اللون لذيذ طعمه ... طيّب الرّيق إذا الريق خدع «٥»

أي فسد.

فيكون معناه: ليفسدون بما أضمروا بأنفسهم وبما أضمروا في قلوبهم، وقيل معناه:

يُخادِعُونَ اللَّهَ بزعمهم وفي ظنّهم، يعني إنهم اجترءوا على الله حتى أنهم ظنّوا أنهم يخادعون، وهذا كقوله تعالى: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً «٦» يعني بظنّك وعلى زعمك.

وقيل: معناه يفعلون في دين الله ما هو خداع فيما بينهم. وقيل: معناه يخادعون رسوله،


(١) راجع تفسير الطبري: ١٠/ ٢٤٣ وأسباب النزول للواحدي: ١٧٤.
(٢) سورة طه: ١١٥.
(٣) جاء بنحو النثر لا الشعر في لسان العرب: ٦/ ١١.
(٤) سورة القصص: ٢٩.
(٥) لسان العرب: ٨/ ٦٥.
(٦) سورة طه: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>