للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد الراعي الخبيث الداعي.

ويحكى عن بعضهم إنه قال في تضاعيف كلامه: وكل ذلك حين ركبني شيطان قيل له:

وأي الشياطين ركبك؟ قال: الغضب.

وقال أبو النجم:

إنّي وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر «١»

قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ أي على دينكم وأنصاركم.

إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بمحمد وأصحابه.

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ أي يجازيهم جزاء استهزائهم، فسمّي الجزاء باسم الابتداء إذ كان مثله في الصورة كقوله جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «٢» فسمّي جزاء السيئة سيئة.

وقال عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلنّ أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا «٣»

وقال آخر:

نجازيهم كيل الصواع بما أتوا ... ومن يركب ابن العمّ بالظلم يظلم

فسمّى الجزاء ظلما.

وقيل: معناه: الله يوبّخهم ويعرضهم ويخطّئ فعلهم لأنّ الاستهزاء والسخرية عند العرب العيب والتجهيل، كما يقال: إنّ فلانا يستهزأ به منذ اليوم، أي يعاب. قال الله إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها «٤» أي تعاب، وقال أخبارا عن نوح عليه السّلام: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ «٥» .

وقال الحسن: معناه: الله يظهر المؤمنين على نفاقهم.

وقال ابن عباس: هو أن الله يطلع المؤمنين يوم القيامة وهم في الجنة على المنافقين وهم في النار، فيقولون لهم: أتحبّون أن تدخلوا الجنة، فيقولون: نعم فيفتح لهم باب من الجنة، ويقال لهم: ادخلوا فيسبحون ويتقلبون في النار، فإذا انتهوا إلى الباب سدّ عليهم، وردّوا إلى


(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٩/ ٤٢٥.
(٢) سورة الشورى: ٤٠.
(٣) لسان العرب: ٣/ ١٧٧ و ٨/ ٦٤. [.....]
(٤) سورة النساء: ١٤٠.
(٥) سورة هود: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>