للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى:

قال ابن عباس: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، ومعناه: إنهم استبدلوا الكفر على الإيمان، وإنّما أخرجه بلفظ الشّرى والتجارة توسّعا لأن الشرى والتجارة راجعان إلى الاستبدال والإختيار وذلك أنّ كل واحد من البيعين يختار ما في يدي صاحبه على ما في يديه، وقال الشاعر:

أخذت بالجمّة رأسا إزعرا ... وبالثنايا الواضحات الدّردرا

وبالطويل العمر عمرا جيدرا ... كما اشترى المسلم إذ تنصّرا «١»

أي اختار النصرانية على الإسلام.

وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق: اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ بكسر الواو لأنّ الجزم يحرّك الى الكسرة العدوى بفتحها حركة إلى أخف الحركات.

فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ: أي فما ربحوا في تجارتهم.

تقول العرب: ربح بيعك، وخسرت صفقتك، ونام ليلك. أي ربحت وخسرت في بيعك، ونمت في ليلك.

قال الله عزّ وجلّ: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ «٢» ، وقال: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ «٣» .

قال الشاعر:

وأعور من نيهان أمّا نهاره ... فأعمى وأمّا ليله فبصير «٤»

وقال آخر:

حارث قد فرّجت عنّي همّي ... فنام ليلي وتجلّى غمّي «٥»

وقرأ إبراهيم ابن أبي عبلة: (فما ربحت تجاراتهم) بالجمع.

وَما كانُوا مُهْتَدِينَ: من الضلالة، وقال: مصيبين في تجاراتهم.

قال سفيان الثوري: كلكم تاجر فلينظر امرؤ ما تجارته؟ قال الله فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وقال: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ «٦» .


(١) التبيان- الطوسي-: ١/ ٨٣. [.....]
(٢) سورة محمد: ٢١.
(٣) سورة سبأ: ٣٣.
(٤) جامع البيان للطبري: ١/ ٢٠٢.
(٥) جامع البيان للطبري: ١/ ٢٠٢.
(٦) سورة الصف: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>