للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

فلئن جذيمة قتّلت سرواتها ... فنساؤها يضربن بالأزلام «١»

وكان استقسامهم بالأزلام على ما ذكره المفسّرون أن أهل الجاهلية إذا كان سفرا أو غزوا أو تجارة أو تزويجا أو غير ذلك ضرب القداح وكانت قداحا مكتوب على بعضها: نهاني ربي، وعلى بعضها: أمرني ربي، إن خرج الآمر مضى لأمره، وإن خرج الناهي أمسك.

وقال سعيد بن جبير: الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها.

أبو هشام عن زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال: كانت هبل أعظم أصنام قريش بمكة، وكانت على بئر في جوف الكعبة وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة وكانت عند هبل أقداح سبعة كل قدح منها فيه كتاب، قدح فيه: العقل، إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل حمله، وقدح فيه: نعم، للأمر، إذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح فإن خرج ذلك القدح فعلوا ذلك الأمر.

وقدح فيه: لا إذا أرادوا أمر يضربون فإن خرج قدح «لا» لم يفعلوا ذلك الأمر، وقدح فيه:

منكم وقدح فيه: ملصق وقدح فيه: من غيركم، وقدح فيه المياه إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القداح فحيثما خرج عملوا به.

وكانوا إذا أرادوا أن يختتنوا غلاما أو أن ينكحوا امرأة أو يدفنوا ميّتا أو شكّوا في نسب خصمهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وبجزور فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها ثم قرّبوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق، ثم يقولون لصاحب القداح: اضرب فيضرب، فإن خرج عليه: منكم، كان وسيطا منهم وإن خرج عليه: من غيركم، كان حليفا، وإن خرج عليه: ملصق، كان على منزلته منهم لا نسب له ولا حليف، وإن كان في شيء مما سوى هذا مما يعملون به كنعم عملوا به، فإن خرج:

لا، أخّروا عامهم ذلك حتى يأتوه مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح.

فقال الله عز وجل ذلِكُمْ فِسْقٌ «٢» .

قال مجاهد: هي كعاب فارس والرّوم التي يتقامرون بها «٣» .

قال سفيان بن وكيع: الشطرنج.

رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من تكهّن أو استقسم أو تطيّر


(١) تفسير القرطبي: ٦/ ٥٨
. (٢) بطوله في تفسير الطبري: ٦/ ١٠٤ وتصويب العبارة منه
. (٣) تفسير الطبري: ٦/ ١٠٢
.

<<  <  ج: ص:  >  >>