محارب أرادوا أن يمسكوا به وبأصحابه إذا اشتغلوا بالصلاة، قالوا: إن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأمهاتهم فإذا سجدوا فيها أوقعنا بهم، فأطلع الله نبيّه على ذلك، وهي صلاة الخوف.
وقال الحسن: كان النبي صلى الله عليه وسلّم محاصرا بطن نخلة. فقال رجل من المشركين: هل لكم في أن أقتل محمدا، قالوا: فكيف تقتله؟ قال أمسك به، قالوا: وددنا إنّك فعلت ذلك. فأتى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو متقلد سيفه، فقال: يا محمد أرني سيفك فأعطاه إياه فجعل الرجل يهز السيف وينظر مرّة إلى السيف ومرّة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقال: من يمنعك مني يا محمد؟ قال: الله، فتهدّده أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وأغلظوا له فشام السيف ومضى. فأنزل الله هذه الآية.
الزهري عن ابن سلام عن جابر بن عبد الله: أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم نزل منزلا وتفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها فعلّق النبي صلى الله عليه وسلّم سلاحه بشجرة فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسلّه ثمّ أقبل على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: من يمنعك منّي؟ قال: الله، قال الأعرابي مرّتين أو ثلاثا: من يمنعك منّي؟ والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول: الله، فشام الأعرابي السيف، فدعا النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابه فأخبرهم بخبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.
وقال مجاهد وعبد الله بن كثير وعكرمة والكلبي، وابن يسار عن رجاله: بعث النبي صلى الله عليه وسلّم المنذر ابن عمرو الأنصاري الساعدي وهو أحد النقباء ليلة العقبة في ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار بني عامر بن صعصعة فخرجوا فلقوا عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر على بئر معونة وهي من مياه بني عامر، فاغتسلوا فقتل المنذر بن عمرو الأنصاري الساعدي وأصحابه إلّا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم أحدهم: عمرو بن أميّة الصيمري، فلم يرعهم إلّا والطير تحوم في السماء تسقط من بين خراطيمها علق الدّم، فقال أحد النفر: قتل أصحابنا، ثم تولى يشتد حتّى لقي رجلا فاختلفا ضربتين فلما خالطت الضربة رفع رأسه إلى السماء وفتح عينيه وقال: الله أكبر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. ورجع صاحباه، فلقيا رجلين من بني سليم وبين النبي صلى الله عليه وسلّم وبين قومهما موادعة، فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما وقدم قومهما إلى النبي صلى الله عليه وسلّم يطلبون الدية فخرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف حتّى دخلوا على كعب بن الأشرف وبني النظير فاستعانهم في عقلهما، فقال: نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة.
اجلس حتّى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا، فجلس النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فخلا بعضهم ببعض، وقالوا: إنّكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيرتحل عنّا. فقال عمرو بن جحش بن كعب: أنا، فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه فأمسك الله أيديهم وجاء جبرئيل (عليه السلام) وأخبره بذلك فخرج النبي صلى الله عليه وسلّم ثمّ دعا عليا فقال: لا تبرح من مكّة، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عنّي فقل توجه إلى المدينة، ففعل ذلك علي (عليه السلام) حتّى قاموا إليه ثم لقوه فأنزل الله عز وجل هذه الآية.