در برغم من جهله، وأن آفته من قصور فهمه، وقلة علمه، وما يضر الشمس قصور الأعمى عن إدراكها، والحقائق عجز البليد عن لحاقها..
ولن يعرف قدر هذا الكتاب، وما فيه من العجب العجاب، إلا من وفر حظه من علوم المعقول والمنقول، وتبحر في الفروع والأصول، ثم أكب على مطالعة هذه الفصول بمسكة صحيحة، وقريحة نقية غير قريحة.
وأعوذ بالله من الإعجاب بالإبداع، والميل بالهوى إلى بعض الآراء في مظان النزاع، وأسأله أن يجعل مجامع مساعينا، وجل متاعبنا في طلب مرضاته، إنه ولي قدير، وبالإجابة جدير، فأقول:
لما رأيت أقاويل المفسرين في أحكام القرآن متجاوزة حد البيان، آخذة بطرفي الزيادة والنقصان، جررت في سرحها هذه الفصول، المتضمنة من اللفظ والمعنى شفاء كل عليل، مع انتخابي فيها قصد السبيل، وتوقي التعليل والتطويل ...
فالأول في (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وما فيه من معنى الضمير، فإن فيه ضمير فعل لا يستغني الكلام عنه، لأن الباء من سائر حروف الجر لا بد أن يتصل بفعل، إما مظهر مذكور، وإما مضمر محذوف.
والمضمر في هذا الموضع إما أن يكون خبرا أو أمرا.
فإذا كان خبرا فمعناه: ابدأ بسم الله، ودل الكلام على هذا الضمير لأن القارئ مبتدئ، والحال المشاهدة منبئة عنه، ومغنية عن ذكره..
ومعنى الأمر: ابدءوا بسم الله.
ودل على الأمر قوله تعالى في موضع آخر (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)«١»