للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن ثبت كون التزويج إصلاحا، فظاهر الآية يقتضي جوازه، ودل الظاهر على أن ولي اليتيم يعلمه أمر الدين والدنيا، ويستأجر له ويؤاجره ممن يعلمه الصناعات، وله أن ينفق عليه من ماله، وإذا وهب لليتيم شيء فللوصي أن يقبضه له لما فيه من الإصلاح.

نعم، ليس في ظاهر الآية ذكر من يجوز له التصرف ولا يجوز، ويجوز أن يكون معنى قوله: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) ، أي يسألك القوام عن اليتامى الكافلين لهم، وذلك مجمل لا يعلم منه غير الكافل والقيم، وما يشترط فيه من الأوصاف..

قوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) (٢٢١) :

وقد روي عن ابن عمر، أنه كان إذا سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: «إن الله تعالى حرم المشركات على المسلمين ولا أعلم شيئا من الشرك أكثر من أن يقول: «عيسى ربنا» «١» ..

وأما الباقون فإنهم جوزوه تعلقا بقوله تعالى: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) «٢» .

ولا تعارض بين هذا وبين قوله: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ» «٣» ، فإن ظاهر لفظ المشرك لا يتناول أهل «٤» الكتاب، لقوله تعالى: (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ)


(١) راجع فتح الباري في هذا الموضوع، وتفسير القرطبي سورة المائدة، والأحكام للجصاص، وتفسير آيات الأحكام للصابوني ج ١.
(٢) سورة المائدة آية ٥.
(٣) سورة البقرة آية ٢٢١.
(٤) كما هو مذهب الجمهور وعليه الأئمة الأربعة أيضا.