للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضها بعضا، فهذا هو السبب في الفرق بين الكتابي والمشرك، لا جرم إذا قبل الجزية، فلا يجوز إكرامه على الإسلام، وإذا أكره عليه لم يصح إسلامه، خلافا لأبي حنيفة فإنه حكم بإسلامه، مع أن الردة لا يثبت حكمها حالة الإكراه.

قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ «١» إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ «٢» أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ) (٢٥٨) :

يدل على تسمية الكافر ملكا، إذا آتاه الله الملك والعز والرفعة في الدنيا.

ويدل على جواز المحاجة في الدين، وأن لا فرق بين الحق والباطل، إلا بظهور حجة الحق ودحض الباطل.

قوله: (كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) (٢٥٩) :

يدل على أن قول هذا القائل، لم يكن كذبا، لأنه أخبر عما عنده، فكأنه قال: عندي أني لبثت يوما أو بعض يوم.

ومثله قول أصحاب الكهف: (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) «٣» ، وإنما لبثوا ثلاثمائة وتسع سنين، ولم يكونوا كاذبين، لأنهم أخبروا بما


(١) قال مجاهد:: «الذي حاج ابراهيم في ربه، وهو ملك بابل نمروذ بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح» .
(٢) أي كيف أخرجه الطاغوت من نور نسبة الأحياء والإماتة الى ربه، الى ظلمات نسبتهما الى نفسه، قاله القاسمي.
(٣) سورة الكهف آية ١٩.