للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عذرهم في الشهادة، وهذا يقتضي أن ما جرى في الشرك مجري على مقتضى اعتقادهم، فإذا كان كذلك، فإذا تزوج خمسا دفعه وماتت الخامسة في الشرك يجب ألا يعترض على النكاح، لأن النكاح إنما امتنع دواما لوجوب قطع البعض، فإذا ماتت الخامسة لم يبق مانع في الحال، غير أنكم جعلتم ما مضى مانعا، فهلا كان ها هنا كذلك، وهذا لا جواب عنه «١» .

قوله تعالى: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها) «٢» الآية.

معناه فيما تحاكموا إليك في حد الزانيين، وأنهم لم يتحاكموا إليك طلبا لحكم الله تعالى، وإنما تحاكموا إليك لطلب الرخصة، وما أولئك بالمؤمنين بحكمك أنه من عند الله مع جحدهم لنبوتك.

وقوله تعالى: (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ) ، يدل على أن حكم التوراة فيما اختصوا فيه لم يكن منسوخا، وأنه صار بمبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شريعة، ما لم ينسخ، لأنه لو نسخ لم يقل بعد النسخ إنه حكم الله.

وقد استدل قوم على أن شرع من قبلنا يلزمنا «٣» ، وهذا لا وجه له، فإن قوله: فيها حكم الله، ليس يدل على أن كل ما فيها حكم الله، بل قد نسخ بعضها، وإنما يدل على أن فيها حكم الله ونحن نقول بذلك الحكم، وذلك الحكم هو الرحيم الذي اختصموا فيه إليه من جهة الزاني «٤» .


(١) انظر احكام الجصاص.
(٢) سورة المائدة آية ٤٣.
(٣) من هؤلاء القوم الجصاص في أحكام القرآن. فأنظر في الجزء ٤ ص ٩٢. [.....]
(٤) انظر أحكام القرآن للجصاص.