للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) الآية (٢٣) :

حرم الله تعالى من النسب سبعا ومن الصهر سبعا ثم قال:

(كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) «١» .

واللفظ ليس حقيقة في أمهات الأمهات، وأمهات الآباء، والأجداد:

والتحريم شامل «٢» ، نعم اسم الأمهات ينطلق عليهن عرفا، فلا جرم اكتفى بإطلاق العرف عن ذكرهن.

والدليل على أن اسم الأمهات ليس حقيقة في الجدات، أن الصحابة لم يفهموا من ميراث الأبوين ميراث الجدات والأجداد، حتى بينه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واستنبطه أهل الإجماع بدقيق النظر، وروى لهم الراوي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أطعم الجدة بالسدس، واختلفوا في الجد مع الأخ، ولم يجهلوا معنى الاسم، وكان الإجماع انعقد على تحريم الجدات وهو الأصل.

فإذا ثبت ذلك، فقد حرم الله تعالى بعد الأمهات الأخوات، وذكر بنات الأخوات، وبنات الأخ، لأن اسم الأخ لا يتناول ابن الأخ مجازا ولا حقيقة.

واعلم أن الله تعالى وضع هذا التحريم على ترتيب عجيب، فحرم أولا أصول الإنسان عليه وفصوله، وفصول أصوله الأولى بلا نهاية، وحرم فصول فصوله بلا نهاية، وحرم أول فصول كل أصل ليس قبله أصل إلى غير نهاية، وهو أولاد الإخوة والأخوات، وحرم أول فصل من كل أصل قبله أصل آخر بينه وبين الناكح، وهو أولاد الجد وأبو


(١) سورة النساء، آية ٢٤.
(٢) أنظر النيسابوري في غرائب القرآن.